قيم بلدنا

احترام الإنسان وحقوقه (1)

احترام الإنسان وحقوقه

احترام الإنسان وحقوقه

احترام الإنسان وحقوقه هي أصل الفطرة التي خلق الله بها هذا الكون، فالإنسان مخلوق مكرم بنص الآية “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلً”.

وحملت الشريعة الإسلامة الكثير من مظاهر هذا التكريم، وتحريم انتهاك حقوق الإنسان، مثل الحديث الشريف: “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه”، والحديث: “من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، أو يفرون منه، صُبَّ في أذنه الآنك يوم القيامة”، وغيرها من مئات النصوص المباشرة في هذا الشأن.

احترام الإنسان وحقوقه
احترام الإنسان وحقوقه

وتناولت المواثيق والمعاهدات الحديثة مسألة احترام الإنسان في كثير من نصوصها، فقد أوضح ميثاق الأمم المتحدة، في مقدمته الاستهلالية، أن أحد أهداف المنظمة العالمية هو “إعادة التأكيد على الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الإنسان وقيمته، وبالمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، وبين الأمم الكبيرة والصغيرة “. وأدرجت أحكام أخرى في نص الميثاق نفسه. وتنص المادة الثالثة على أن الأمم المتحدة سيكون من مهامها “تعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين”.

وجاء الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ليضع تفصيلا لهذه الحقوق، مثل الحق في عدم التمييز والعنصرية، والحق في الحرية والكرامة، والحق في الأمان والمساواة القانونية، وحماية السمعة واحترام الخصوصية، وغيرها.

كما تناولت الكثير من الدراسات القانوينة خصائص حقوق الإنسان مثل:

  • أنها حقوق ليست لها قيمة مالية مما يخرجها من دائرة التعامل فلا يصح نقلها للغيرأوالتنازل عنها أو التصرف فيها .
  • أنها حقوق لصيقة بشخصية الإنسان ومرتبطة بوجوده وتلازمه طوال حياته
  • أنها حقوق لاتسقط بالتقادم ، فعدم إستعمال هذه الحقوق مهما طالت مدته لايحول دون من تقررت له ولا دون ممارستها متى رغب فى ذلك .
  • أنها حقوق مطلقة ، يجوز لمن تقررت له أن يحتج بها فى مواجهة الكافة .
  • أنها غير قابلة للأنتقال سواء بالتنازل أو بالميراث ، وتنقضى بموت من تقررت له .
  • تعتمد على فكرة المساواة الشاملة التى لا تعترف بأى شكل من أشكال التميز غير الموضوعى .
احترام الإنسان وحقوقه
احترام الإنسان وحقوقه

 

حقوق الإنسان بين الدستور والواقع المصري:

قام الدستور المصري على مبدأين لم يتغيرا منذ عدة قرون، هما:

  1. أن الشريعـة الإسـلامية باعتبارها دين الدولة والمصدر الرئيسي للتشريع على نحـو ما نصـت عليـه المادة الثانية من الدستور، أتت سواء في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة بقيـم ومبادئ وأحكام تشكل نظاماً متكاملاً يضمن للإنسان فى كل زمان ومكان وأياً كانت عقيدته حقوقه وحرياتـه فـى كافـة مناحي الحياة وهى بذلك تسبق من أربعة عشر قرناً- جميع ما استقر عليه المجتمع الدولى الآن من مبادئ فى هذا الصدد، وقد ساعد ذلك مصر وبغير شك على خلق مناخ موات وضاغط للوقوف بقوة إلى جانب كل الجهود الداعية إلى تكريم التواجد الإنساني على الأرض ونبذ كل صور التفرقة والعنف والقهر والدعوة إلى القضاء عليها.
  2. أن مصر وقعت على العهدين الدوليين للحقـوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصادرين عن الأمم المتحدة فى عام 1966، ويعتبر كل من العهدين سالفي الذكر بمثابة الاتفاقيتين الأم لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته، والإفراغ القانونى لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فى قواعد قانونية دولية ملزمة تشكل أساس الشرعية الدولية لتلك المبادئ، ويؤكد ذلك أن مصر كانت حريصة على سرعة إقرار الشرعية الدولية لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتناولها من خلال القواعد الملزمة على الصعيد الدولى.

ويمكن الرجوع لنص الدستور المصري لتبيان نصوصه المتعلقة بحقوق الإنسان، وتطبيقها وحمايتها، لكن الواقع المصري يحكي روايات مختلفة، تشير إلى فجوة بين النصوص الدستورية وممارسات أجهزة الدولة ومؤسساتها تجاه حقوق مواطنيها.

تشير التقارير الدولية عن حالة حقوق الإنسان في مصر إلى ما يمكن وصفه بالمآسي أو الجرائم المنظمة ضد المصريين، فقد ذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير عن مصر لعام 2019 أن ” السلطات المصرية لجأت إلى مجموعة من الإجراءات القمعية ضد المتظاهرين، ومن تعتبرهم معارضين، بما في ذلك الاختفاء القسري، وحملات القبض الواسعة، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والإفراط في استخدام القوة، وإجراءات المراقبة المشددة، وخاصة في أعقاب مظاهرات مناهضة للرئيس في سبتمبر.

وقبضت قوات الأمن بصورة تعسفية على ما لا يقل عن 20 صحفياً دونما سبب سوى تعبيرهم السلمي عن آرائهم. وواصلت السلطات فرض قيود صارمة على حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها بالنسبة لمنظمات حقوق الإنسان والأحزاب السياسية. وأدت تعديلات دستورية إلى توسيع دور المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين، وإلى تقويض استقلال القضاء.

وأمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبس آلاف الأشخاص على ذمة التحقيقات في تهم تتعلق بالإرهاب ذات صياغات مبهمة. وأدى استخدام المحاكم الاستثنائية على نحو موسع إلى محاكمات فادحة الجور، وإلى صدور أحكام بالإعدام في بعض القضايا. واستمر تنفيذ أحكام الإعدام. وظل التعذيب متفشياً في أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية. وظلت ظروف الاحتجاز مزرية، مما أدى إلى إضرابات واسعة عن الطعام بين المحتجزين.

واستمر التمييز ضد المرأة في القانون وفي الواقع الفعلي، وتقاعست السلطات عن توفير الحماية للنساء من المعدلات العالية للعنف الجنسي، والعنف بسبب النوع الاجتماعي. وأُخضع أشخاص محتجزون من “مجتمع الميم” لفحوص شرجية بالإكراه، واختبارات لتحديد الجنس بشكل قسري. وقُبض بصورة تعسفية على عشرات العمال والنقابيين، وحُوكموا بسبب ممارستهم لحقهم في الإضراب والتظاهر. وفرضت السلطات قيوداً على حق المسيحيين في العبادة، وذلك بإغلاق ما لا يقل عن 25 كنيسة، والامتناع عن منح الموافقة على بناء أو ترميم آلاف الكنائس الأخرى. وقُبض تعسفياً على عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين، واحتُجزوا بسبب دخول مصر أو مغادرتها بشكل غير قانوني”.

وأصدرت مجموعة العمل المصرية من أجل حقوق الإنسان، المكونة من 11 منظمة حقوقية مصرية، تقريرًا مشتركًا، في إطار الاستعداد لجلسة استعراض الملف الحقوقي المصري أمام الأمم المتحدة، العام الماضي، حيث تنعقد الجلسات سنويا في نوفمبر، عن حالة حقوق الإنسان في مصر خلال الأعوام الخمسة الماضية، والذي سبق وأرسلته إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مارس 2019 ، حسب الموعد المحدد لتقديم التقارير الحكومية والمستقلة. وقالت المنظمات في تقريرها إن الحكومة المصرية بدأت حملات الانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظماتهم، بسبب تعاملهم مع آلية الاستعراض الدوري الشامل مبكرًا، وألقت السلطات المصرية القبض على المحامي الحقوقي محمد الباقر، المدير التنفيذي لمركز عدالة للحقوق والحريات، وتعرض أثناء احتجازه للتعذيب والمعاملة الحاطّة بالكرامة.

ووجهت النيابة لباقر، أثناء التحقيق، أسئلة تتعلق بتقرير شارك فيه مركز عدالة ضمن التقارير الحقوقية المقدمة للأمم المتحدة، حول الانتهاكات التي يتعرض لها النوبيون في مصر. وحسب ما وثقه التقرير، أكدت مجموعة العمل أن أوضاع حقوق الإنسان حاليًا أسوأ كثيرًا عما كانت عليه في 2014. إذ شهدت السنوات الخمس الماضية ارتفاعا في حالات القتل خارج نطاق القانون، خاصة بعد كل عملية إرهابية، فضلاً عن الإفراط في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام حتى للأطفال، وشبهة القتل العمد للمساجين السياسيين بالإهمال الطبي والصحي العمدي لهم أثناء الاحتجاز، بالإضافة إلى التنكيل بالأحزاب السياسية والانتقام من الحقوقيين، وشن أكبر حملة على ذوي الميول الجنسية المختلفة والعابرين جنسيًا، واستمرار التعدي على حقوق النساء والأطفال، ناهيك عن السيطرة على الإعلام وحجب المواقع، وحبس الصحافيين وترحيل المراسلين الأجانب.

وتابعت المنظمات “كما تزامنت فترة إعداد التقرير مع مناخ التعديلات الدستورية القمعي، والإجراءات التعسفية المتخذة بحق المعارضين لها، مروراً بإجهاض مساعي قيادات الأحزاب السياسية لفتح مساحات للمنافسة على الانتخابات التشريعية القادمة، من خلال قضية “ائتلاف الأمل”، وقبل جلسة الاستعراض بشهر، نفذت أجهزة الأمن المصرية أكبر عملية قبض- في مجمله عشوائي – لمواطنين مصريين أو أجانب، فقبضت على 3000 شخص على الأقل على خلفية مظاهرات محدودة اندلعت بدعوة من محمد علي في  20 و27 سبتمبر. كما حجبت السلطات المصرية مزيدا من المواقع الإخبارية، منها موقع BBC عربي وموقع قناة الحرة، فضلاً عن توقيف المارة في الشوارع وتفتيش هواتفهم وصفحاتهم على مواقع التواصل”.

احترام الإنسان وحقوقه
احترام الإنسان وحقوقه

على صعيد الحقوق الأساسية للإنسان في مصر من السكن والمياه والغذاء والحياة الكريمة، فقد سبق نشر عدة تقارير عبر موقع مجموعة التحفيز، أبرزها تقرير: “العشوائيات وحق السكن”، الذي أشار إلى 38 مليون شخص في مصر يعيش بالعشوائيات، ووفقاً لصندوق الإسكان الاجتماعي، يحتاج ما بين 75 إلى 80 بالمئة من السكان إلى شكل من أشكال الدعم من أجل ضمان تملك المساكن رسمياً مع ضمان حيازتهم لها. ويشير هذا إلى وجود عدم توازن بين متوسط الدخل وتكلفة السكن، وقد تفاقم ذلك بسبب ارتفاع تكاليف الإسكان بوتيرة أسرع من الدخل.

كما كشف تقرير “المياه النظيفة وحق الحياة” عن تقرير صادر عن المركز المصرى لحقوق السكن أن هناك 6 محافظات مصرية تشرب مياها ملوثة ومخلوطة بالطحالب والبكتيريا. وهو ما أظهرته التحاليل الكيميائية للعينات المأخوذة من محافظات سوهاج والمنيا والسويس والغربية والقليوبية والبحيرة. وأشارت دراسة المنشورة تحت عنوان “تلوث المياه في مصر: الأسباب والمخاوف” الصادرة عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن معاناة المصريين مع أمراض الكبد والفشل الكلوي، وفقدان الصيادين لمصادر دخلهم بسبب نفوق الأسماك، وتلوث المنتجات الزراعية، هي أبرز مخاطر تلوث المياه في مصر.

فيما أشار تقرير ” مستقبل الخصوصية في مصر” إلى أنه بدخول قانون “حماية البيانات الشخصية” حيز التنفيذ في يوليو الماضي، فإن خصوصية بيانات المواطنين أصبحت ملكا للأجهزة الأمنية المصرية، ليستكمل القانون مسيرة القانون السابق في 2018  المسمى قانون “مكافحة جرائم الإنترنت” وهو القانون الأول من نوعه في مصر في مجال مكافحة الجريمة الإلكترونية، وينص على فرض عقوبات تصل إلى السجن، ولغرامة مالية قد تصل إلى خمسة ملايين جنيه مصري، ضد مستخدمي الإنترنت والشركات مقدمة الخدمة في حال مخالفة أحكام هذا القانون. الذي تتشكل ملامحه.

المراقب للواقع المصري سيرى بسهولة منذ اللحظة الأولى حجم الفجوة الهائلة بين النصوص الدستورية والدولية وبين الممارسات الواقعية لمؤسسات الدولة تجاه المواطنينن وهو ما يستوجب إعادى تقييم للموقف من حقوق الإنسان المصري واحترامه.

 

التكافل في مصر

المبادرات التطوعية للكورونا: إيجابية الشعب المصري في الأزمات

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى