حول ورشة تقييم التيار الليبرالي في مصر
بقلم: أحمد محسن
عقدت مجموعات التحفيز السياسي ورشة مغلقة ضمن فعاليات مشروع تقييم الحركات السياسية والاجتماعية (الفاعلين) في مصر لمناقشة تقييم أداء ومواقف التيار الليبرالي من عام ٢٠١١ حتى ٢٠١٣.
بعد استعراض الباحث هشام محمد لورقته “التيار الليبرالي في مصر الصعود والأزمة”، تناول المشاركون في الورشة الموضوع من خلال عدد من المحاور والأفكار المختلفة، كانت البداية مرتبطة بمشكلة تعريف التيار الليبرالي وكيف يمكن تحديد رموز هذا التيار وأحزابه بدقة، وتعود مشكلة التحديد إلى استخدام توصيف ليبرالي كانتماء سياسي لدى كثير من الناشطين السياسيين، دون أن يعني ذلك انتماء حقيقيا إلى الأفكار الليبرالية الأساسية المرتبطة بالحقوق الفردية والدفاع عنها.
في هذا السياق تم إيراد أمثلة لعدد من القيادات الحزبية في أحزاب ليبرالية لكن الخلفية السابقة لهم كانت قائمة على انتماءات ناصرية أو يسارية، ثم أصبح حالياً أحد القيادات الحزبية في أحزاب ليبرالية دون أن يكون ذلك متبوعاً بمراجعات واضحة أو تغيير على مستوى الأفكار والرؤى الشخصية لهذه القيادات.
من الإشكاليات التي تواجه التيار الليبرالي في مصر هي الطبيعة الخاصة لنشأته مقارنة بالتيارات الليبرالية الغربية، فالليبرالية العربية عموماً لم تر نفسها تاريخيا بديلا أو معارضا للسلطة الوطنية القائمة، لكن رأت نفسها في موقع المتحالف معها أو موقع الطرف الذي يحاول السيطرة وترشيد تصرفات هذه السلطة، لذا سياق النشأة في العالم العربي يختلف عن سياق النشأة في العالم الغربي الذي نشأت فيه الليبرالية حركة معارضة تسعى لانتزاع الحقوق والحريات من الملك أو السلطات القائمة وقتها.
تطرق الحديث بعد ذلك إلى عدد من الأزمات والإشكاليات العامة التي يعاني منها التيار الليبرالي مثل: التشظي التنظيمي، وغياب القيادات الفاعلة، والخوف من الجماهير، وفي النقطة الأخيرة تم نقاش عدد من التفسيرات لأسباب غياب الجماهيرية عن التيارات الليبرالية، فربطت بعض التفسيرات هذا الغياب لخوف الليبراليين من ديكتاتورية الأغلبية التي يمكن أن تؤدي إلى تغييب الحقوق والحريات الفردية، لكن ذكرت بعض المداخلات أن غياب الجماهيرية يرتبط بنظرة شرائح من المجتمع المصري للتيارات الليبرالية أنها أفكار غربية وليست بنت البيئة المحلية، أيضا تحدث بعض المشاركين أن المواقف التاريخية لهذا التيار -المتعلقة بمساندة السلطة- يمكن أن تساهم في تفسير غياب هذه الجماهيرية أو التركيز على مواجهة الإسلاميين ولو بالاحتماء بالسلطة والدولة.
تطرق النقاش أيضاً إلى لجنة السياسات في الحزب الوطني التي كان يقودها جمال مبارك، وهل كانت تعبر عن التيار الليبرالي؟
جزء من النقاشات رأى في هذه المجموعة تعبيرا عن الليبرالية الاقتصادية دون أي تبنٍ حقيقي للأفكار الليبرالية في شقها السياسي، جانب آخر من النقاشات أشار إلى أن نسخة لجنة السياسات هي نسخة من “النيوليبرالية” التي هي في حقيقتها قطيعة مع النسخة الليبرالية التقليدية، فقد نشأت النيوليبرالية على المستوى العالمي كمحاولة لإصلاح الليبرالية لكن انتهى بها المطاف لأن تبني شكلا جديدا يختلف في جوهره عن النسخة الليبرالية التقليدية، هذه الاختلافات على المستوى العالمي سيكون لها ارتداداتها المحلية في مصر عبر تبني عدد من الأشخاص والمؤسسات والرموز لنسخة النيوليبرالية.
المشاكل المتشابهة بين التيارات السياسية المصرية كانت من الملاحظات الرئيسية التي تم ذكرها في النقاش، فما يُعاني منه التيار الليبرالي تعاني منها التيارات الأخرى، لأن البنية السياسية المصرية بها عدد من العلل والمشاكل تؤدي في النهاية إلى التأثير السلبي على الحالة السياسية المصرية ومن بينها الأحزاب.
انتهت الجلسة النقاشية بطلب عدد من المشاركين أن تستمر حالة الحوار والتقييم والمراجعات الحالية، وأن يتم مستقبلاً تنظيم حوارات ل”النقد الذاتي” على مستوى التيارات المختلفة بين الشرائح الشبابية، كما أن حاله الحوار هذه بين المجموعات والأفراد المتنوعة والمختلفة هي حالة صحية يجب دعم استمرارها.
وللاطلاع على ورقة: التيار الليبرالي في مصر .. الصعود والأزمة