سياساتتحليلات وأبحاث

من دولة المحاسيب إلى دولة العسكر

مقارنة بين اقتصاد مبارك واقتصاد السيسي

pdf لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

النيو ليبرالية في مصر بين النظرية والتطبيق

ظل النقاش السائد فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية في مصر يناهض السياسيات النيوليبرالية. أبرز الهجوم على السياسات كان بحجج أن هذه السياسات تركز على قضايا الاقتصاد الكلي، وتحقيق نتائج إيجابية فيما يتعلق بأرقام النمو والتضخم والاحتياطي الأجنبي، إلا أنها لم تستطع علاج المشكلات الاجتماعية الحقيقية التي تواجه المجتمع المصري من فقر وبطالة.

وعلى الرغم من إيجابية نتائج الاقتصاد الكلي في عهد مبارك وفي عهد السيسي الآن، فإنه لا تزال هناك حلقة مفقودة في تطبيق السياسات النيوليبرالية. إذ إن الحالة المصرية تتسم بكونها خليطًا بين السياسات النيوليبرالية الصريحة وبين تدخل الحكومة في ملفات الدعم والمساعدات الحكومية، مما يجعل عملية الحكم بفشل السياسات النيوليبرالية محل جدل.

الجدل حول تلك السياسات هو جدل بين فشل النظرية النيوليبرالية بشكل عام، وبالتالي أي محاولة لتطبيقها في مصر ستكون محاولة عبثية، وبين فشل التطبيق في مصر على وجه الخصوص. كان الانتقاد الموجه للنظرية نفسها يعتمد على جدليات تتعلق بجمود السياسات النيوليبرالية، والتي توصف بأنها وصفة طبية لا تراعي سياقات البلاد، أو أن البلاد النامية هي في الحقيقة بلاد تابعة، مما يؤدي إلى اختلالات هيكلية فيما تفترضه النظرية النيوليبرالية، مثل الاختلال بين الإنتاج وعوامل الإنتاج، أي أن المجتمع لا ينتج بقدر استهلاكه، مما يجعله في حالة تبعية واحتياج للخارج باستمرار.

على المقابل، يرى البعض أن فشل السياسات النيوليبرالية في مصر هو فشل التطبيق على المستوى الرسمي، وانعدام الشفافية الذي كان سببًا في انخفاض معدلات الاستثمار، أو الفساد. مثل هذه التفسيرات كانت ترجع السبب دائمًا إلى عامل آخر في تطبيق السياسات، وليس في السياسات نفسها.

وازدادت الأدبيات التي تشير إلى فشل سياسات الرأسمالية النيوليبرالية، ومن أبرزها الكتاب الأخير لتوماس بكيتي الذي ناقش فيه كيف تسببت السياسات الرأسمالية في زيادة معدلات اللامساواة بشكل فج؛ حيث أثبت الكتاب أن 60 % من نسبة توزيع الزيادة في رأس المال منذ 1977 في أمريكا ذهبت إلى أغنى 1%. إلا أن هذه الورقة لن تركز على تلك الأدبيات كلها، وإنما ستقوم باستعراض دراسة نشرها صندوق النقد الدولي ينتقد فيها السياسات النيوليبرالية من حيث النظرية.

أما على جانب التطبيق فستقوم الورقة هنا باستعراض معضلة التطبيق في مصر بين دولة المحسوبية في عهد مبارك، ونظام اقتصاد العسكر في عهد السيسي.

إشكالية التطبيق تتمثل في نقطتين: الأولى هي جدلية طبيعة اختيار المشكلات التي يجب حلها. وهي جدلية دائمًا ما تنظر إلى نظرة السلطة إلى ذاتها ودورها بالنسبة للمجتمع؛ حيث إن هناك سياسات تعتمد على الخصخصة وجلب استثمارات خارجية، والاقتراض من أجل سد عجز الموازنة، وهي سياسات استخدمها النظام في العادة للحفاظ على نفسه على حساب المواطنين. على المقابل فإن دور النظام في الأصل يجب أن يتوجه نحو تحسين مستوى معيشة المواطنين. تظهر هنا مشكلة العقد الاجتماعي الفاقد للصلاحية في مصر؛ حيث لم تعد أطراف الحكم بين الدولة والسوق والمجتمع المدني على وفاق نحو تصورهم لذواتهم وأدوارهم الوظيفية.

انتقادات صندوق النقد الدولي

قام صندوق النقد بنشر دراسة في 2016 لعدد من الباحثين[1]، قامت بانتقاد الأجندة الموحدة لجدول سياسات النيوليبرالية فيما يخص سياستين بالتحديد: إلغاء القيود على حركة رأس المال بين الدول، والاهتمام بضبط الاقتصاد الكلي، عن طريق ضبط أوضاع المالية العامة، أو ما يسمى اتباع سياسات التقشف.

من دولة المحاسيب إلى دولة العسكر
من دولة المحاسيب إلى دولة العسكر

خرجت دراسة تلك السياسات فقط (حيث إنها ليست تقييمًا لجميع السياسات النيوليبرالية) بثلاث استنتاجات:

  • من الصعب وجود برهان على المنافع المتحققة من ارتفاع معدلات النمو في بلدان كثيرة.
  • تكاليف اللامساواة كبيرة للغاية، وهي تكاليف تفاضل بين آثار النمو والعدالة في التوزيع.
  • تؤدي زيادة اللامساواة إلى خفض معدلات النمو مستقبلًا، وبالتالي يجب على واضعي السياسات النيوليبرالية إيلاء الاهتمام لمشكلة التوزيع، جنبًا إلى جنب مع اهتمامهم بحل أرقام النمو.

تشير الدراسة إلى أن اتباع سياسات الانفتاح على تدفقات رأس المال الخارجي لها مخاطر حقيقية «لا مناص منها». ففي حين تستخدم الدول النامية ذات رأس المال الضئيل تلك السياسة لتمويل الاستثمار، ومن ثم تعزيز النمو، فإن تلك التدفقات المالية لا يقابلها ادخار حقيقي داخل المنظومة الاقتصادية للدولة. إضافة إلى ذلك فإن العلاقة بين الانفتاح المالي والنمو الاقتصادي هي علاقة معقدة للغاية. حيث إن بعض التدفقات المالية تساهم في زيادة النمو على المدى البعيد، مثل الاستثمار الأجنبي المباشر؛ خصوصًا إذا تضمن نقل تكنولوجيا أو رأس مال بشري. إلا أن التدفقات المالية الأخرى في الأوراق المالية، كالاستثمار في البورصة والديون والأعمال المصرفية لا يدفع للنمو. إضافة إلى ذلك فإن تكلفة الاقتراض بالديون قصيرة الأجل أعلى بكثير من العائد المرجو منها.

أما فيما يتعلق بضبط المالية العامة عن طريق اتباع سياسات تقشفية لخفض العجز في الموازنة وتقليل نسبة الدين العام، فقد أوضحت الدراسة أن صندوق النقد دائمًا ما ينصح بسداد الديون وتخفيض نسبتها على المدى المتوسط في مجموعة مختلفة من بلدان العالم المتقدم، وبلدان الأسواق الصاعدة، وذلك بهدف التأمين ضد الصدمات المستقبلية.

ترى الدراسة أن الدول النامية أو التي لديها حيز مالي محدود، تواجه خيارًا محدودًا، وهو وجوب ضبط أوضاعها المالية حتى تستطيع مواصلة الاقتراض من الأسواق العالمية. على المقابل تشكك الدراسة في فعالية محاولة الدول صاحبة الحيز المالي الكبير تقليل مستويات الدين فيها؛ حيث إن تكاليف تقليل الديون ستكون أكبر من منافعها، وفي حال وجوب الاختيار بين التعايش مع الدين في ظل حيز مالي كبير وبين جمع الضرائب، واعتماد سياسات تهدف بشكل أساسي لخفض الدين، فإن الحكومات سيكون من الأسهل لها اختيار التعايش مع مستويات الدين حتى وإن كانت مرتفعة.

جدير بالذكر أن الدراسة تنتقد الإجراءات النيوليبرالية في دول الاقتصادات القوية بشكل أكبر من الدول النامية. حيث إن الاختيارات المتاحة أمام الدول النامية محدودة، نظرًا لارتباطها بالأسواق العالمية. إلا أن الدراسة أشارت في النهاية إلى ضرورة تحقيق التوازن بين السياسات المقترحة وبين السياق الذي يتم تنفيذ السياسات فيه. فعلى سبيل المثال أشارت إلى أن أحد عوامل نجاح التجربة في شيلي هي قدرتها على فرض قيود لضبط عملية التدفقات المالية الخارجية، بحيث لا ينتج عنها غمر الأسواق الداخلية. لذلك تنتهي الدراسة إلى أن وضع وصفة واحدة للسياسات لتلائم جميع التجارب هو معتقد خاطئ، وإنما في الأصل يجب تواؤم السياسات مع السياق والحيز الزمني والمكاني لمحل التطبيق.

النيو ليبرالية بين دولة المحاسيب واقتصاد العسكر

كانت إحدى السمات الأساسية لنظام مبارك، توغل رجال الأعمال في الحكم عن طريق الالتحاق بالحزب الوطني. في دراسة أجراها البنك الدولي[2] إشارة إلى أن 8% من أعضاء البرلمان التابعين للحزب الوطني قبل انتخابات 2000 كانوا من رجال الأعمال، بينما تضاعفت النسبة إلى 17% في انتخابات برلمان 2000. شهد توغل مصر إلى الأسواق العالمية نموذج ما يعرف برأسمالية المحاسيب التي تشير إلى أنه تتم محاباة الأشخاص في سوق الأعمال نظرًا لمدى قربهم أو صلتهم بمراكز القوة في الدولة. بمعنى آخر لم يكن الهدف من برنامج الإصلاح الاقتصادي تقليل توغل الدولة في الأسواق أو خفض الدعم الحكومي وإنما كان الهدف منه هو إعادة تركيز الأموال العامة في يد عدد أقل من المستفيدين[3].

من دولة المحاسيب إلى دولة العسكر
من دولة المحاسيب إلى دولة العسكر

أحد أشكال اعتماد السياسات التي تحابي بعض الأشخاص هي سياسات الاقتراض من البنوك الخاصة والحكومية، والتي كان الحد الأدنى لها هو مليون جنيه مصري، وبالتالي ضمنت هذه السياسة إقصاء كل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، والتي تمثل ما يقارب 95% من الاقتصاد المصري.

واحدة من الدراسات الهامة التي قام بها عدد من الباحثين[4] لدراسة العلاقات بين رجال الأعمال والسياسيين في مصر في عهد مبارك وكيف انعكست تلك العلاقات على الاقتصاد المصري. قامت الدراسة بتحديد 32 شخصية سياسية ذات صلة بالنظام الحاكم، ويتحكمون في 469 شركة بشكل مباشر أو غير مباشر. حاولت الدراسة الإجابة عن سؤال: هل تمت معاملة تلك الشركات بسياسات خاصة تعاظم من أرباحها على حساب بقية الشركات في السوق؟ وانتهت الدراسة إلى عدد من النقاط كالتالي:

  • الشركات التي كانت لها صلة بالنظام الحاكم تربحت بمعدل 30 ضعفًا أكثر من بقية الشركات في السوق.
  • كان العامل الوحيد المؤثر في زيادة أرباح تلك الشركات عن نظائرها هو مدى بقاء النظام؛ حيث اختفى فارق النسب في الأرباح بعد ثورة يناير.
  • استطاعت الشركات المقربة من النظام الاستحواذ على قطاعات خاصة، مثل قطاع الطاقة (45% من الشركات العاملة بالقطاع كانت مقربة من النظام).
  • في غالب الأحوال كانت الشركات المقربة من النظام موجودة على أراضٍ تابعة للحكومة، وبالتالي تحصل على عقود شراء للأرض بأسعار أرخص، إضافة إلى موقعها الجغرافي الذي يكون في العادة داخل المناطق الصناعية (الشركات داخل المناطق الصناعية تحصل على بعض الإعفاءات الضريبية، إضافة إلى توفر بنية تحتية مناسبة) كما أن تلك الشركات كانت لها القدرة على الحصول على قروض من البنوك حسب عدد مديريها التنفيذيين المقربين من النظام.
  • حصلت تلك الشركات على تسهيلات فيما يتعلق بتخليص الإجراءات الورقية بمتوسط 86 يومًا أسرع من نظائرها.
  • استطاعت تلك الشركات تعظيم أرباحها عن طريق سياسات الإعفاءات الجمركية التي كانت مفصلة من أجلهم، إضافة إلى تمتعهم بالدعم الحكومي للطاقة، مما كان يقلل من تكلفة الإنتاج ويعظم الأرباح.

وانتهت الدراسة إلى أن دخول تلك الشركات المحسوبة على النظام إلى السوق، أدى إلى تقليل خلق فرص العمل بنسبة تصل إلى 25%؛ حيث رأت الدراسة أن «بطء خلق فرص العمل كان سببه الرئيسي علاقة الدولة برجال الأعمال، والتي أدت إلى التحايل على الإصلاحات الاقتصادية المقدمة، كما أنها قيدت المنافسة والإبداع، وبالتالي خلق فرص العمل».

إلا أنه لا يمكن إلقاء اللوم فقط على فساد العلاقة بين الدولة ورجال الأعمال، وإنما نجد أن السياسات المالية المتبعة في عهد مبارك أيضًا اتسمت ببعدها عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية التي كانت تواجه الشعب.

مرت مصر بثلاث مراحل من الإصلاحات الاقتصادية في عهد مبارك منذ 1991. الأولى كانت بين 1991 و1998؛ حيث شهد عام 1991 عددًا من السياسات الجديدة، مثل تحرير سعر الفائدة، وتحرير أسواق البورصة، ودمج أسواق البورصة الابتدائية والثانوية، إضافة إلى عدم حصر بيع العملة الأجنبية على البنوك التجارية فقط، ما أدى إلى زيادة العملة الأجنبية في السوق، إضافة إلى توقيع مصر على برنامج لتثبيت الاقتصاد مع صندوق النقد الدولي، وبرنامج إصلاح هيكلي مع البنك الدولي. في تلك الفترة استقر الاقتصاد الكلي بشكل كبير، إضافة إلى النجاح في خصخصة ما يقارب ثلث الشركات التابعة للحكومة، وتحويلها إلى شركات قطاع خاص. في 1995 أصبحت مصر عضوًا في منظمة التجارة العالمية. في 1997 وقَّعت اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى. انتهت تلك الحقبة في 1998، بإنهاء مصر اتفاقها مع صندوق النقد بثبات في الاقتصاد الكلي، ونجاح جزئي في عملية الخصخصة.

المرحلة الثانية من الإصلاحات كانت بين 1998 و2004، وتركزت على تحسين الأداء التجاري والأداء المؤسسي. وقَّعت مصر عددًا من الاتفاقيات التجارية، منها اتفاقية التجارة والاستثمار مع الولايات المتحدة في 1999، واتفاقيات التجارة الحرة مع الدول المشتركة في جنوب وشرق أفريقيا سنة 2000، واتفاقية أغادير للتجارة الحرة مع الأردن والمغرب وتونس في 2004. دفع الالتزام بمثل تلك الاتفاقيات مصر إلى القيام بإصلاحات في السياسات التجارية الخاصة بها، والاهتمام بمراعاة المعايير الدولية.

في 2004 بقدوم أحمد نظيف إلى رئاسة الوزراء قدَّم حزمة جديدة من القوانين، مثل قوانين الاستثمار الجديدة، ومكافحة الاحتكار، والمنافسة، وضريبة الشركات الموحدة، ومكافحة الإغراق، كما قام بتعديل قوانين التصدير والاستيراد. قام أيضًا بتقديم قانون جديد لحماية المستهلك في 2006. في 2004 وقَّعت مصر على اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي 2005 تم عقد اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا.

إضافة إلى ذلك، زادت وتيرة الخصخصة بين 2004 و2006؛ حيث تمت خصخصة عدد من شركات القطاع العام، والمشاريع المشتركة التي تصدر الأسهم العامة، ومساحات الأراضي العامة بإجمالي 16 مليار جنيه. وفي 2006 قامت مصر بإعطاء التصريح لإنشاء شبكة اتصالات جديدة للإمارات بقيمة 2.9 مليار دولار[5].

ساهمت تلك السياسات في تغيير شكل الاقتصاد المصري، وإعادة تعريف علاقة الدولة بالسوق، بعد أن كان الدستور المصري ينص على أن الدولة هي التي تقود إدارة موارد الدولة، عن طريق تعظيم دور القطاع العام على حساب القطاع الخاص، إضافة إلى مركزية التخطيط من أجل تحقيق التنمية. حاول النموذج الجديد تغيير ذلك الدور أثناء تعديل الدستور في عام 2007، عن طريق إعطاء مساحة أكبر للقطاع الخاص، ومحاولة تحجيم دور الدولة، إلا أن الانتقال إلى اقتصاد السوق تم تشكيله في بيئة اتسمت بالمحسوبية والفساد، ما أدى في النهاية إلى إنتاج قوانين لم تأخذ في الحسبان المشكلات الاجتماعية والاقتصادية الحقيقية للمواطنين.

اقتصاد العسكر

اتبع السيسي بعد الانقلاب العسكري توجهات سياسية أكثر نيوليبرالية، بعد الاتفاق على القرض مع صندوق النقد الدولي، تتمثل في انتهاج سياسة تقشفية لضبط الوضع المالي وخفض عجز الموازنة، بما في ذلك رفع الدعم عن الوقود وتحرير سعر الصرف، إضافة إلى التوجه نحو نموذج الاستدانة من أجل سد العجز، ومحاولة الاهتمام بأرقام النمو دون النظر إلى طبيعة النمو ذاته. إضافة إلى الإصلاحات المؤسسية، مثل التشريعات المتعلقة بتسهيل الاستثمار الأجنبي، وبدء المشاريع، إضافة إلى تعديل قوانين الإفلاس.

من دولة المحاسيب إلى دولة العسكر
من دولة المحاسيب إلى دولة العسكر

يظهر دور المؤسسة العسكرية الآن بشكل واضح في العملية الاقتصادية؛ حيث تعتمد الحكومة على إسناد المهام إلى الشركات التابعة للقوات المسلحة، بحجة ضمان سرعه التنفيذ وجودة الأداء. مع ازدياد دور المؤسسة العسكرية في الاقتصاد، فإن ريادة النموذج الاقتصادي للدولة الحالية سيكون مفاضلًا للشركات التابعة للمؤسسة العسكرية. إن مزاحمة شركات الجيش في السوق يضع القطاع الخاص في وضع حرج بين مزاحمة الحكومة التي تعتمد على الاقتراض المحلي لتمويل العجز، وبالتالي يؤثر على تمويل البنوك للقطاع الخاص[6].

في دراسة لزينب أبو المجد، أشارت إلى أن الجيش يقترب من السيطرة على ثلث الاقتصاد المصري، إلا أن التعتيم وغياب الشفافية يمنعان من التدقيق في الإيرادات التي تحققها تلك الشركات؛ حيث تشير بعض التصريحات الرسمية إلى أن البيزنس الخاص بالقوات المسلحة يدر دخلًا قدره 750 مليون دولار سنويًّا، إلا أن العمال في بعض تلك المصانع أشاروا إلى أرقام مختلفة تمامًا، حيث يشير البعض إلى أن شركة واحدة فقط تدر ما يقارب 5 مليارات دولار سنويا[7].

تقييم النيو ليبرالية في مصر

ليس من الصعب وصف السياسات المالية في مصر بكونها سياسات في أصلها نيوليبرالية، إلا أنه من الصعب تقييم التجربة المصرية على كونها تجربة تحول نيوليبرالي. فقد شاب عملية التحول تلك عدة أزمات حقيقية في عهد كل من مبارك والسيسي، تتمثل في أن السياسات الاقتصادية في الأساس لم تصنع لحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، أي أن الخلل يتعدى مجرد إدارة فاشلة لسياسات ناجحة، وإنما هي إدارة فاشلة قامت بوضع وتصميم سياسات تساعدها على البقاء والاستمرار، وبالتالي أنتجت سياسات لا تقوم بحل المشكلات الحقيقية.

يرجع السبب في ذلك إلى مستويين:

الأول هو فشل منظومة العقد الاجتماعي في مصر منذ عهد مبارك.

والثاني هو غياب المؤسسية في صنع السياسات.

فشل العقد الاجتماعي

كان من المتفق عليه احتياج الاقتصاد المصري الى إصلاحات اقتصادية حقيقية إلا أن وسيلة تحقيق تلك الإصلاحات لم تكن محل اتفاق بين الدولة والمجتمع. ويبدو أن نظام الانتقال إلى الاقتصاد النيوليبرالي في عهد مبارك لم يكن متفق عليه على المستوى المجتمعي حيث رُفضت هذه السياسات من قبل منظمات المجتمع المدني وعدد من السياسيين لعدة أسباب رئيسية[8]:

الأول هو عدم وجود اتفاق بالأساس على التحول نحو اقتصاد السوق، وتغيير طبيعة النظام الاقتصادي من تحكم الدولة في الاقتصاد إلى اقتصاد السوق المفتوحة. كان أهم الاعتراضات في تلك المرحلة على هذا التحول خاص بسياسات الخصخصة، والتي كان من المتوقع أن يتم بموجبها تسريح العاملين بالشركات التي ستتم خصخصتها، من أجل تعظيم أرباح المستثمرين، إضافة إلى تعرض الفئات الأفقر إلى مخاطر رفع الدعم عنها.

الثاني كان الاعتراض على سرعة الانتقال إلى اقتصاد مفتوح، الأمر الذي يمكن أن يكون سلبيًّا على المنتجات المحلية في حال إغراق السوق بالمنتجات المستوردة، خصوصًا أن هذه المنتجات المستوردة يمكن أن تنافس بسبب الجودة وأسعارها، وبالتالي يمكن أن تزاحم المنتج المحلي وتؤثر سلبيًّا على معدلات شرائه.

الثالث كان الاعتراض على خصخصة الشركات الحكومية لصالح شركات ومستثمرين أجانب؛ حيث كانت التخوفات من زيادة التدخل الأجنبي في السوق المصرية.

وبصرف النظر عن تقييم تلك الاعتراضات من حيث صوابها أو خطئها، فإنها لم تؤثر بشكل كبير في عملية تنفيذ السياسات في عهد مبارك.

وبمد الخط على استقامته، فإن قيام السيسي بالموافقة على شروط صندوق النقد الدولي وتنفيذ معظمها حتى الآن، هو إتباع لسيناريو نظام مبارك نفسه في اتخاذ القرارات؛ بل بالإضافة إلى ذلك فقد قام نظام السيسي بتطبيق قرارات كان نظام مبارك يخشى تنفيذها، مثل رفع الدعم بشكل كامل، وتحرير سعر الصرف. مقابل ذلك كان مبارك حريصًا جدًّا أثناء تطبيق السياسات الاقتصادية، والتي كان يجب أن تحظى بقبول شعبي حتى يمكن تطبيقها بشكل فعال[9].

بمقارنة آلية تنفيذ السياسات الاقتصادية بين مبارك والسيسي، يمكن القول بأن لكل منهما أسلوبه الخاص في سرعه تنفيذ السياسات؛ حيث اعتمد مبارك تأجيل الإصلاحات الاقتصادية التي يمكن أن تمس المواطن العادي بشكل مباشر، إلا أنه في الوقت نفسه اتبع سياسات تفيد مجموعة رجال الأعمال المحسوبين على النظام. على العكس من ذلك قام السيسي بتنفيذ سياسات صندوق النقد بخطوات سريعة، أثرت بشكل مباشر ولا تزال تبعاتها مستمرة على المواطنين. يمكن إرجاع سرعة تطبيق السياسات إلى ضغط الصندوق على النظام المصري لسرعة تنفيذ السياسات، بسبب تجربة صندوق النقد القديمة مع مصر بين عامي 1987 و1991؛ حيث شكك تقييم المفاوضات بين مصر والصندوق في التزام مصر بشروط الصندوق، فقد ذكر بعض التكتيكات التي كانت تتبعها الحكومة المصرية أثناء التفاوض، بالتلاعب في الأرقام وضبابية المعلومات التي كان يقدمها الطرف المصري، إضافة إلى اختراع مجالس وزارية جديدة بصلاحيات متداخلة، من أجل تشويش عملية التفاوض، بعدم وضع جهة محددة مسؤولة يمكن محاسبتها[10].

على المقابل، فإن المشترك بين النظامين هو قيامهما بتطبيق الإصلاحات النيوليبرالية بدون وجود بيئة سياسية اجتماعية سليمة، يمكن من خلالها مناقشة الأفكار كبداية، ومن ثم مناقشة آلية تنفيذها أو محاسبتها ومراقبتها فيما بعد. في حين كان المجتمع المدني في عهد مبارك يحظى بمساحة محدودة جدًّا من القدرة على العمل، إلا أن تلك المساحة اختفت أو تضاءلت بشكل أكبر في عهد السيسي.

إضافة إلى ذلك، فإن غياب قنوات التعبير عن الرأي والممارسة السياسية السليمة يؤدي في النهاية إلى التشكيك في عملية الموافقة على تنفيذ السياسات، فضلًا عن محاسبتها ومراقبتها.

وعلى الرغم من وجود نماذج ديكتاتورية قامت بتنفيذ نماذج اقتصادية ناجحة، فإن تلك التجارب كانت تتمتع بوجود قيادة قادرة على إثبات نجاحها بنتائج ملموسة سريعة؛ حيث يسمح مناخ تعطيل السياسة في زيادة حرية حركة الديكتاتور في اتخاذ إجراءات إصلاحية أكثر حدة، كما هو في نموذج “لي  كوان يو” في سنغافورة. ومع وجود نظريات وتجارب عديدة تعاكس ذلك النموذج فإنه ومع ذلك فإن تجربة مبارك لم تكلل بالنجاح، وحتى الآن فإن تجربة السيسي تسير على مثل خطوات مبارك باختلاف اللاعبين المستفيدين.

بجانب غياب الوفاق المجتمعي وقنوات الاتصال التي يمكن من خلالها إقرار ومناقشة ومراقبة عملية صنع السياسات الاقتصادية، فقد غاب أيضًا عامل مهم كان من الممكن مساهمته في إنجاح عملية التحول النيوليبرالي، ألا وهو المؤسسية.

غياب دور المؤسسات

لم تكن المشكلة مناقشة السياسات فقط، وإنما كانت المشكلة ممتدة إلى طبيعة اختيار المشكلة في ذاتها، وتصميم السياسة من أجل حلها، واقتصار ذلك الدور على الفئة الحاكمة فقط دون وجود مؤسسات وهيئات مستقلة تكون قادرة على صنع السياسات. فلا يزال غائبًا حتى الآن خلق بيئة تنافسية حقيقية لجذب الاستثمار الخارجي الذي يعد أحد أهم الدعامات لسياسات النيوليبرالية، إضافة إلى تحسين التشريعات المتعلقة بقطاع الأعمال، وتقليل معدلات الفساد وزيادة الشفافية، وكل ذلك ناتج عن عدم قدرة النظام الحاكم على  خلق مؤسسات مستقلة تستطيع التعريف بالمشكلات المجتمعية، ومن ثم تصميم السياسات المناسبة لحلها.

حصلت مصر على نتائج إيجابية فيما يتعلق باقتصادها الكلي، إلا أنها لا تزال تسجل عجزًا مؤسسيًّا واضحًا؛ حيث احتلت مصر المركز 105 من أصل 180 دولة في مؤشر الفساد؛ حسب مؤشرات مؤسسة الشفافية الدولية. السبب في ذلك ليس فقط لتحقيق منافع سياسية، وإنما يرجعها البعض إلى تدخل الجيش بشكل مستمر في العملية الاقتصادية، والذي من مصلحته غياب الشفافية عن استثماراته.

في البداية كان الهدف من تدخل الجيش هو سد الفراغ الناتج عن غياب القطاع الخاص، إلا أن قطاع الجيش لا يزال يتدخل في العملية الاقتصادية بصورة تقلق المستثمرين[11].

ذكر تقرير التنافسية في الدول العربية التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي  2018[12] أن أكبر تحديات تواجه المستثمرين في مصر هي عدم استقرار السياسة، التضخم، والفساد وتعقيد الإجراءات البيروقراطية والقوى العاملة المتعلمة بشكل غير كافٍ.

أيضاً تشكل الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر ما يقارب من 90% من مجموع الشركات في مصر وتوفر نسبة 60% من الوظائف[13]، ومع ذلك فشلت السياسات الاقتصادية المرسومة في دعم تلك الشركات. في استطلاع رأي قام به باحثين[14] في عام 2016 انتهى إلى أن المشكلة الرئيسية التي تواجه تلك الشركات هي الحصول على تمويل كافٍ.

كما يغيب عن التجربة المصرية في التحول إلى الاقتصاد النيوليبرالي توجه حقيقي نحو مأسسة صنع السياسات. تشكل الهيئات التنظيمية (regulatory authorities) جزءًا مهمًّا من عملية ضمان اختيار السياسات الصائبة، وضمان تحقيقها بجودة وكفاءة عالية؛ حيث يتطلب اقتصاد السوق تكوين بنية تحتية مؤسساتية تقوم على تحديد قصور السوق، والتأكد من تطابق المعلومات المقدمة من الجهات المعنية مع حالتها الواقعية، بالإضافة إلى مراقبة عملية المنافسة في السوق[15]. تشكل تلك المؤسسات جزءًا مهمًّا من اقتصادات الدول ذات الدخل المرتفع. في أوروبا على سبيل المثال، تقوم بمهام التنظيم والمراقبة هيئات مستقلة غير تابعة إداريًّا لأي من الوزارات الحكومية.

تعتمد تلك الدول على تفويض تلك السلطات وإعطائها صلاحيات جديدة، بحيث يتحول دورها من الرقابة وصنع السياسات إلى مؤسسات مستقلة تقوم بتقييم العملية الاقتصادية في السوق، وتنظيم العلاقة بين الدولة كطرف للقطاع العام وبين القطاع الخاص، وبالتالي يعطي ذلك مصداقية أكبر للتشريعات والتقارير التي تصدر منها. كما تحصل تلك الهيئات على استقلالية مالية (يعتمد تمويلها على إيرادات من الضرائب) ولا يمكن للوزارات الحكومية إلغاء قرارات تلك المؤسسات، بينما يمكنها الطعن في تلك القرارات من خلال القضاء[16].

لم تظهر التجربة المصرية توجهًا حقيقيًّا نحو الهيئات المنظِّمة لآلية عمل السوق، وإنما اكتفت ببعض الهيئات الرقابية التي تم إنشاؤها في 2005، ولم تختص منها بآلية السوق سوى هيئتين فقط، هما الهيئة العامة للرقابة المالية، والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات. تهتم الهيئة العامة للرقابة المالية التي أنشئت في 2009 بالرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، بما في ذلك أسواق رأس المال والبورصات والتمويل العقاري، وذلك بهدف تحقيق سلامة واستقرار تلك الأسواق والأدوات وتنظيم الأنشطة وتنميتها، وتعظيم قدرتها التنافسية على جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتعمل على الحد من مخاطر عدم التنسيق ومعالجة المشكلات التي تنتج عن اختلاف الطرق أو الأساليب الرقابية.

كما تهتم الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات -وهي هيئة تعمل مع قطاعات وزارة الصناعة والتجارة-  بتيسير حركة التجارة الخارجية، وتشجيع الصناعات المصرية، وتنمية الصادرات بكافة أنواعها، ورفع قدراتها التنافسية في كافة الأسواق العالمية لتحقيق التقدم، وحماية المستهلك.

كلا الهيئتين رقابية، وليست لهما القدرة على استصدار التشريعات والتنظيمات التي تيسر عمل الأسواق، إضافة إلى ضيق مساحة الملفات المنوطة بهما. ومع تحجيم الدور الذي يعد رقابيًّا فقط، أصدر السيسي قانون 89 لسنة 2015 الذي ينص على ما يلي بشأن تلك الهيئات: أنه يجوز للرئيس إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، إذا توفرت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، وإذا فقد الثقة والاعتبار، وإذا أخل بواجبات وظيفته، بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، وإذا فقد أحد شروط الصحية للمنصب الذي يشغله لأسباب صحية[17]. ينتج عن ذلك القانون السماح للسلطة السياسية بالتدخل والتأثير على عملية الرقابة التي تقوم بها تلك الهيئات بشكل فج.

خلاصات

لا شك في أن التجربة الاقتصادية في مصر منذ عهد مبارك أخذت طابعًا نيوليبراليًّا في طبيعة اختيار السياسات الاقتصادية، وسرعة التحول إلى اقتصاد سوق. وعلى الرغم من أن التجربة النيوليبرالية تحتوي على عقبات داخلية على مستوى النظرية نفسها، كاهتمامها المبالغ بالاقتصاد الكلي ومسائل تدفقات حركات رأس المال الأجنبي، فإن التطبيق في مصر جاء مشوهًا، يصعب معه الحكم بأن التجربة الاقتصادية في مصر هي تجربة تحول إلى اقتصاد سوق حقيقي.

خلال الأربعة عقود الماضية، قام كل من نظامي السيسي ومبارك بسن سياسات اقتصادية اختلفت في حدتها وتأثيرها وسرعتها؛ حيث اعتمد مبارك تطبيق سياسات نفعية تخدم محاسيب النظام؛ لكن في المقابل لم يقم بعملية تحول للسوق بشكل كامل، ونزع دور الدولة من السوق؛ بل استمرت عملية الدعم للمواد الغذائية والمحروقات.

جزء من عملية استمرار الدعم كان يستفيد منه بالأساس محاسيب النظام في دفع تكاليف أقل في عملية الإنتاج، نظرًا لاستفادتهم من الدعم المقدم على المحروقات، والإعفاءات الضريبية على المدن الصناعية. إلا أنه على المقابل ظل المواطن المصري يستفيد من وجود ذلك الدعم أيضًا. كانت سياسة مبارك هي الانتقال التدريجي -حسب قوله- نحو اقتصاد السوق، دون اتخاذ إجراءات حاسمة من شأنها أن تؤلب الرأي العام.

على المقابل، قام السيسي باتخاذ إجراءات أكثر عنفًا وسرعة، فيما يتعلق بتحرير سعر الصرف ورفع الدعم، وبالتالي انعكست تلك النتائج على المواطنين بشكل أعنف من مبارك. جزء من ذلك الإجراء يمكن إرجاعه إلى الخبرة السابقة لصندوق النقد في مراوغته في مفاوضات 1987-1991، وجزء آخر أساسي هو القبضة العسكرية التي يحكم بها السيسي الآن. إلا أن المتغير في عهد السيسي هم شريحة المستفيدين. فبدلًا من محاسيب النظام في عهد مبارك انتقلت الاستفادة إلى الشركات التابعة للجيش، وقيام الجيش بالتوغل في الاقتصاد ومنافسة القطاع الخاص والقطاع الحكومي.

يمكن الحكم على التجربة الاقتصادية المشوهة في مصر بالفشل، نظرًا لعدم وصول نتائج إيجابية ملموسة على مستوى المواطنين، فيما يتعلق بمستويات الفقر والبطالة والمشكلات الاجتماعية. هي ليست تجربة نيوليبرالية صريحة إذن، وإنما يمكن وصفها كما وصفها “سامر سليمان” بأنها تجربة تحاول الحفاظ على النظام على حساب الدولة. بناء على ذلك فإن السياسات التي تم تنفيذها واختيارها لم تكن بالأساس سياسات تهدف إلى حل المشكلات الحقيقية التي تواجه المواطنين، وإنما كانت سياسات تهدف إلى الحفاظ على النظام بصورة أكبر.

يكمن فشل تلك السياسات في مستويين: الأول هو عدم انطلاقها من عقد اجتماعي متفق عليه ينظم دور الدولة والمجتمع المدني والسوق. ومع انغلاق الأفق للممارسة السياسية في مصر الآن، تحولت المعارضة -إن كانت موجودة بالأساس- إلى جهة تهاجم سياسات الحكومة دون القدرة على إحداث تغيير فيها أو نقاشها مناقشة جادة والنظر في الحلول البديلة. يرجع السبب في عدم وجود صياغة حقيقية لمهام كل الأطراف في الفضاء العام في مصر الآن إلى غياب عقد اجتماعي ملائم، الأمر الذي يجعل البحث عن عقد اجتماعي جديد في حال سقوط النظام الحالي أمرًا ملحًّا.

المستوى الثاني هو غياب المؤسسية في عملية صنع القرارات. لم تعتمد مصر نموذج الهيئات التنظيمية لصنع وتطبيق السياسات الاقتصادية التي تنظم وتراقب عمل الأسواق. وعلى الرغم من وجود هيئات رقابية مستقلة الآن، فإن احتكاكها بالأسواق محدود، إضافة إلى اقتصارها فقط على حركات الصادرات والواردات وهيئة الرقابة المالية، وانتهاء دورها بكونه رقابيًّا فقط. إضافة إلى ذلك فإن قرار السيسي الأخير بقدرته على فصل رؤساء تلك الهيئات يشكك في مصداقية واستقلالية تلك الهيئات.

pdf لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

صنع السياسة الخارجية المصرية بين الثابت والمتغير

رفض سياسات صندوق النقد

المراجع

[1] جوناثان, أوستري, لونغاي براكاش, and فورسيري ديفيد. 2016. الليبرالية الجديدة: هل شابها الافراط؟. صندوق النقد الدولي. https://www.imf.org/external/arabic/pubs/ft/fandd/2016/06/pdf/ostry.pdf.

[2] Ikram, Khaled. 2017. The Political Economy of Reforms in Egypt. Cairo: The American University in Cairo Press.

[3] Mitchell, T. 2007. “Deamland” In Evil Paradises: Dreamworlds of Neoliberalism. Edited by M. Davis and D.M. Monk. New York and London: The New Press.

[4] Diwan, Ishac, Philip Keefer, and Marc Schiffbauer. 2015. Pyramid Capitalism : Political Connections, Regulation, and Firm Productivity in Egypt. Policy Research Working Paper;No. 7354, Washington, DC: World Bank. https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/22236.

[5] Alissa, Sufyan. 2007. The Political Economy of Reform in Egypt: Understanding the Role of Institutions. Carnegie papers, Carnegie Middle East Center.

[6] Momani, Bessma. 2018. Egypt’s IMF Program: Assessing the Political Economy Challenges. Policy Briefing, Doha: BROOKINGS DOHA CENTER.

[7] المجد, زينب أبو. 2012. سر العسكر: السوق الملتبسة في مصر. كارنيجي. https://carnegieendowment.org/sada/?fa=47138.

[8] Alissa, Sufyan. 2007. The Political Economy of Reform in Egypt: Understanding the Role of Institutions.

[9] Ikram, Khaled. 2017. The Political Economy of Reforms in Egypt.

[10] Richards, Alan. 1991. “The political economy of dilatory reform: Egypt in the 1980s.” World Development 19 (12): 1721-1730.

[11] Momani, Bessma. 2018. Egypt’s IMF Program: Assessing the Political Economy Challenges.

[12] Weforum. 2018. Arab World Competitiveness Report. annual report, World Economic Forum.

[13] AfDB. 2016. Addressing informality in Egypt. Working Papers, North Africa Policy Series: African Development Bank.

[14] Lahcen, Achy, and Selim Rafik. 2016 . Micro and Small Enterprises in Egypt. ERF annual conference, Cairo: Economic Research Forum.

[15] Atiyas, İzak. 2012. “Economic Institutions and Institutional Change in Turkey during the neoliberal era.” New Perspectives on Turkey 47: 57 – 81.

[16] Atiyas, İzak. 2012. “Economic Institutions and Institutional Change in Turkey during the neoliberal era.”

[17] برلماني. 2016. ننشر نص قانون “89” لسنة 2015 الذى يسمح بإقالة “هشام جنينة“. Accessed 04 22, 2019. link

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى