هموم واهتمامات الشباب في مصر
قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أغسطس الماضي، إن معدل البطالة ارتفع إلى 9.6 في المائة في الربع الثاني من العام بسبب جائحة فيروس «كورونا»، مقارنة مع 7.5 في المائة قبل عام، وأرجع الجهاز الارتفاع إلى تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، واتخاذ الحكومة الإجراءات الاحترازية، من تعليق المدارس وتعليق حركة الطيران وغلق المحلات جزئياً وحظر المواصلات خلال ساعات الليل. وأوضح البيان أن قوة العمل بلغت 26.689 مليون فرد مقابل 29.008 مليون في الربع السابق، بانخفاض ثمانية في المائة، في حين بلغ عدد العاطلين عن العمل 2.574 مليون، بزيادة 480 ألفاً عن الربع المقابل قبل عام.
فيما بلغ عدد العاطلين عن العمل، نحو 2.574 مليون شخص، بواقع 1.934 مليون من الذكور و640 ألفا من الإناث، مقابل 2.236 مليون متعطل فى الربع الأول 2020.
كما بلــغ عــدد الأســـر التى يعولها “شبــاب” ما يزيد عن 2.8 مليون أسرة بنسبة 12.3% من إجمالى الأســر المصرية، كما بلغت نسبة الأميــة بين الشباب فى الفئة العمريــة (18 ـ 29 سنة) 16% من إجمالى عدد الشبــاب، منهم (13,5% ذكور، 18,5% إناث).
حسب إحصائيات التقرير الاجتماعي المصري – الذي أصدره مركز البحوث الاجتماعية والجنائية – وأجريت على شريحة واسعة من الشباب المصري قبل الثورة، فإن هموم الشباب واهتماماتهم انقسمت بين: البطالة (37%)، وارتفاع الأسعار (23%)، والفقر (12%)، والصحة (8%) والتعليم (3.5%)، والفساد (3%).
يتضح من تلك الاحصائيات أن اهتمامات الشباب الأكبر هي قضية البطالة وارتفاع الاسعار وقلة الدخل والفقر وانخفاض مستوى المعيشة والفساد، أي أن المشكلة الاقتصادية هي المفتاح الرئيسي لفهم الأزمة الاجتماعية في مصر, وهي أيضا محرك رئيسي دفع قطاعات واسعة من الشباب إلى النزول في الاحتجاجت المختلفة بداية من ثورة يناير 2011 وصولا إلى احتجاجت سبتمبر 2020.
من جانب آخر، قال تقرير لمنظمة العمل الدولية أن نسبة الشباب الذي يعيش في القري والريف يمثل 60% من إجمالي الشباب، لكنها نسبة تتناقص باستمرار في مقابل تزايد الشباب المنتقل للمعيشة في الحضر.
وفي استبانة إلكترونية قامت به مجموعة التحفيز السياسي، شارك فيه 430 شابا من مختلف محافظات مصر، قال 40% أنه رغم الانسداد السياسي في مصر يجب على الشباب محاولة المشاركة السياسية والاشتباك مع الواقع.
وفي استقصاء ميداني أجراه 4 باحثين من مجموعة التحفيز السياسي بمصر مع أقل من مائة شاب مصري مختلف السن والاهتمامات من 4 محافظات مصرية، قال أغلب المشاركين أنهم يقضون أغلب أوقاتهم على السوشيال ميديا بحد أدنى 6 ساعات وبحد أقصى 12 ساعة حسب آراء البعض، كما احتل الترفيه نسبة متقدمة في أولويات المشاهدة لدى الشباب.
ومن حيث الوسائل الأكثر متابعة لمعرفة الأخبار العامة، احتلت صفحة الجزيزة بلس AJ+ المقدمة لدى المبحوثين.
كان تقرير قياس مجتمع المعلومات العالمي الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات في 2013، قد ذكر أن الوطن العربي شغل المركز الرابع بين أقاليم العالم الستة من حيث استخدام الشباب للإنترنت مقارنة بعدد السكان، وجاءت نسبة استخدام الشباب للانترنت في مصر 77,1% بنسبة تغلغل لاستخدام الانترنت في حياة الشباب تصل ل44,1%. بينما جاء تقرير Hootsuite السنوي عن أحدث الاتجاهات العالمية في وسائل التواصل الاجتماعي, ليؤكد أن عام 2018 امتلئ بأزمات الثقة، فوفقا لتقرير مقياس الثقة لعام 2018 والصادر عن مؤسسة Edelman فإن 60% من الاشخاص أصبحوا لا يثقون في شركات التواصل الاجتماعي, كما أصدر معهد ponemon وهو شركة بحثية مستقلة متخصصة في الخصوصية وحماية البيانات ,تقارير تشير إلى أن الثقة في فيسبوك انخفضت بنسبة 66%
برنامج السيسي لاحتواء الشباب
فى مارس 2015، كلف السيسى المجالس التخصصية بإعداد برنامج تأهيلى للشباب، يهدف إلى تأهيل الشباب للقيادة وخلق قاعدة بيانات تضم الشباب المؤهل فى جميع المجالات، ويعمل تحت إشراف الرئاسة، فيما سمى بعد ذلك ب”البرنامج الرئاسي“. ونشرت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، مراحل الالتحاق بالبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، والتى تضمنت 5 مراحل تبدأ من التسجيل وحتى إعلان النتائج على موقع البرنامج وبدء فعاليات الداراسة، ويحصل المتخرجون من البرنامج على شهادة أكاديمية احترافية بعد اجتيازهم المراحل المختلفة للبرنامج، والتى تتضمن ثلاثة محاور رئيسية ( علوم سياسية واستراتيجية / علوم إدارية وفن القيادة / علوم اجتماعية وإنسانية ) ويتخلل ذلك أنشطة رياضية، وثقافية، وفنية.
ومنذ ذلك الحين اختفت أخبار البرنامج الرئاسي للشباب من الاخبار وحل محلها أخبار “مؤتمرات” الشباب التي يقيمها السيسي دوريا للترويج لإنجازاته في الحكم، لتعود وسائل الإعلام المحلية في 2019 نشر أخبار عن تعيين نواب لثماني محافظين من الشباب من خريجي البرنامج الرئاسي، وأجرت جريدة الأهرام الحكومية مقابلات مع بعض الخريجين الذين تبين أنهم جميعا تم ترشيحهم داخليا من جهة عملهم بالوزارات والهيئات المختلفة.
وانطلقت النسخة الأولى من مؤتمر الشباب بمدينة شرم الشيخ جنوب سيناء في أكتوبر2016، وأبدى السيسي استجابته لمطالب الشباب بإقامة المؤتمر دوريا، ليمر بعد ذلك بسلسلة من المؤتمرات بلغت ستة مؤتمرات، احتضنت ثلاثة آلاف شاب خلال 83 جلسة.
وفي فبراير الماضي، نشرت جريدة العربي الجديد نقلا عن مصادرها، أن السيسي كلّف لجنة بإشراف من رئيس الأركان الأسبق محمود حجازي، بدراسة مدى جدوى مؤتمرات الشباب، وآلية “منتدى شباب العالم”، في ظلّ الإنفاقات الضخمة التي تتحملها خزينة الدولة بسببها. وكشفت أنّ “منتدى شباب العالم” الأخير الذي استقبلته مدينة شرم الشيخ نهاية 2019، تجاوزت تكلفته الفعلية المليار ومائة مليون جنيه مصري (نحو 70 مليون دولار)، ليأتي ذلك في ظلّ الشكوى الدائمة من المسؤولين في الدولة من تردي الأوضاع الاقتصادية، التي تؤثر على العديد من المشاريع المتعلقة بالحياة اليومية للمصريين.
ولفتت المصادر إلى أنّ المراجعة المبدئية لمنتديات شباب العالم، التي انعقدت على مدار السنوات الثلاث الماضية، كشفت تجاوز تكلفتها المليارين ونصف المليار جنيه، بخلاف نحو 4 مليارات جنيه تكلّفتها الخزينة الرسمية على مؤتمرات الشباب الدورية التي انعقدت على مدار ثلاث سنوات.
بينما يعاني المصريين من الفقر والبطالة، تأتي مثل هذه الأخبار لتشعل أحاديث الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة للحصول على إجابات للأسئلة الحائرة لمستقبلهم، وسط كلمات رنانة تصدر كل عام من داخل الدولة عن تمكين الشباب وحل مشاكلهم.