الاستحواذ الخليجي على مصر (2)
الاستحواذ الخليجي على مصر
تغلغل الإمارات الإقتصادي
عبر عقد من الزمان كانت الاستثمارات الإماراتية في مصر في المركز الثالث على خريطة الاستثمارات الأجنلية بمصر، حيث بلغت أكثر من 4 مليار دولار، بما يشكل ربع الاستثمارات العربية تقريبا، لكن منذ انقلاب يوليو 2013، بدأت الإمارات في التوسع السريع لتنتقل إلى مرحلة الاستحواذ الخليجي على مصر “الاستحواذ” على بعض القطاعات، استغلالا للأوضاع السياسية في مصر التي ساندت فيها الإمارات بأكثر من 3 مليارات دولار كمساعدات ومنح مباشرة للنظام المصري الجديد.
وفقا للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، يبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية فى مصر نحو7.2 مليارات دولار من خلال 1114 شركة، ويصل حجم التبادل التجاري إلى نحو 5.3 مليارات دولار، ووقعت مصر اتفاقا لتأسيس منصة استثمارية مشتركة بقيمة عشرين مليار دولار عبر شركة أبو ظبي التنموية القابضة وصندوق مصر “السيادي”. وفي ديسمبر 2019، وقعت مصر اتفاقية مع الاتحاد لائتمان الصادرات الإماراتية، لتحفيز التجارة البينية بين الدولتين، عن طريق إبرام عقود إعادة تأمين لتبادل المخاطر بينها من دون اللجوء لأسواق إعادة التأمين العالمية.
جدير بالذكر أن الإمارات تمتلك ستة بنوك في مصر هي: أبو ظبي، بنك الإمارات دبي الوطني، مصرف أبو ظبي الإسلامي، بنك الاتحاد الوطني الإماراتي، وبنك أبو ظبي الوطني، وبنك المشرق. ويقدر حجم الاستثمارات في البنوك بنحو 1.5 مليار دولار.
قطاع الصحة
تمتلك الإمارات عبر شركة “أبراج كابيتال” عدة مشروعات في القطاع الصحي بمصر، مثل سلسلتي معامل “البرج” و”المختبر”، ونحو 15 مستشفى خاصا، متفوقة على السعودية التي تمتلك تسعة مستشفيات ومعامل كايرو لاب للتحاليل الطبية، ومراكز تكنوسكان للأشعة.
وفي عام 2017، نجحت شركة أبراج كابيتال الاقتصادية الإماراتية، المتخصصة في إدارة الملكيات الخاصة، في إتمام أكثر من صفقة استحواذٍ لها على أكبر كيانات طبيّة داخل مصر، نقلتها من مُجرد مُستثمر إلى مُحتكر لقطاع يخدم الملايين من المواطنين المصريين. وشملت صفقات الاستحواذ للشركة الإماراتية، شراء 12 مستشفى خاصًا، أبرزها مستشفى «القاهرة التخصصي»، و«بدراوي»، و«القاهرة»، و«كليوباترا»، و«النيل»، بجانب معامل التحاليل الأشهر: «المختبر» و«البرج»، وتأسيس شركة جديدة تضم المعملين، وإتمامها صفقة شراء شركة آمون للأدوية.
قطاع الاتصالات والتكنولوجيا
تستمثر الإمارات في قطاع الاتصالات ما يقرب من 2 مليار دولار في شركة “اتصالات مصر”، التي تم تأسيسها في 2006، بمشاركة كل من: جهاز الإمارات للاستثمار وتبلغ نسبته ٦٦℅ من رأس المال، وشركة البريد للاستثمار”مصرية الجنسية” بنسبة ٢٠% ، والبنك الأهلي المصري بنسبة ١٠%، والبنك التجاري الدولي بنسبة ٤%.
وتنص شروط ترخيص شركات المحمول في مصر على ضرورة حصول شريك محلي على حصة من الشركة، لا تقل عن 20%. لكن خلال سنوات قليلة لاحقة قامت الشركات الإماراتية بعدة عمليات استحواذ أخرى، حيث قام البنك التجاري الدولي بالتنازل عن جميع أسهمه بالشركة، وباع نسبة ١٫٥ % من أسهمه لشركة الاستثمارات التقنية السعودية، و١٫٥ % أخرى لشركة النابودة للاستثمار الإماراتية، و١% لشركة موارد للتمويل الإماراتية الجنسية.
بينما قام البنك الأهلى المصرى ببيع جميع أسهمه والتي تبلغ ١٠% من رأسمال الشركة لشركة داس القابضة الإماراتية التى قامت بدورها بالتنازل عن ٥% من الأسهم التي آلت إليها لشركة “دى أى إف سى” الإماراتية.
قطاع الطاقة
دخلت شركة إمارات مصر البترولية في شراكة مع شركة “مصر للبترول” التي تتبع الهيئة العامة للبترول في مشروع «أمصرجيت» لتموين الطائرات بمطار برج العرب الدولي منذ عام 2014، والذي يضم أنابيب ومستودعات وتشغيل وإدارة محطة لتموين الطائرات باستثمارات أكثر من 50 مليون جنيه.
وتعمل الشركة بالفعل في 12 مطارًا إقليميًا بمصر من خلال اتفاقية تجارية بين الجانبين، بجانب إبرام اتفاقية مع شركة «أكسون موبيل» العالمية لخدمات تموين الطائرات في مطار القاهرة الدولي.
فيما بدأت شركة أدنوك للتوزيع، إحدى شركات شركة بترول أبو ظبي الوطني، خطة استثمارية جديدة داخل مصر منذ عامين، تستهدف توزيع زيوت والمنتجات البترولية للشركة في 26 محافظة أي تغطية السوق المصري بالكامل من خلال وكيلها في مصر وهي شركة كابيتال. ومنحت استثمارات الشركة الإماراتية داخل مصر حق الاستحواذ على 10% من السوق المصري، فضلًا عن البدء في استثمارات جديدة تتعلق بفتح ورش لصيانة السيارات تتبع الشركة.
قطاع العقارات
يضم السوق تضم العديد من الشركات العقارية الخليجية الكبرى، على رأسها شركة “إعمار” ومجموعة “الفطيم” من الإمارات، و”الحكير” و”بن لادن” والشيخ صالح كامل ، والشربتلي” من السعودية.
وحسب بيانات هيئة الاستثمار المصريَّة، فإن استثمارات شركة “إعمار” بلغت 3.3 مليار دولار، وبلغت استثمارات شركة “الفطيم” نحو 1.7 مليار دولار. ومن أهم مشروعات “إعمار” في مصر مشروع آب تاون كايرو الذى يقع على مساحة 4.5 مليون متر مربع في القاهرة ، ويصل حجم استثمارات الشركة فى مصر ما يزيد عن 33 مليار جنيه، وتصل إجمالى مساحة الأراضى التى تمتلكها إعمار فى مصر إلى 16 مليون متر مربع.
قناة السويس
وفقا لتقارير صحفية فإن الإمارات تدير 78 ميناءاً بحرياً وبرياً تتولى إدارتهم في 40 دولة في مختلف أنحاء العالم. وبدأت المشروعات الإماراتية في قناة السويس عام 2008، باستحواذ شركة موانئ دبي بعقد إدارة ميناء العين السخنة في مصر، والذي يعد من أكبر وأهم الموانئ على البحر الأحمر، لتصبح الشركة الإماراتية بموجب العقد مسيطرة على 90% من أسهم شركة تطوير ميناء السخنة، صاحبة الامتياز والمسئولة عن تشغيل ميناء السخنة، مقابل 670 مليون دولار، فضلًا عن توليها مسئولية توسعة طاقة ميناء العين السخنة المصري لتبلغ مليوني حاوية في العام، تزامنًا مع استثمارات للشركة بمليار ونصف مليار دولار في خلال خمسة أعوام.
عادت الإمارات في 2017 بإنشاء شركة تنمية رئيسية مشتركة بين الهيئة العامة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس و ”شركة موانئ دبي العالمية“ لتقوم بتنفيذ مشروعات في منطقة قناة السويس الاقتصادية، ويضم مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تطوير منطقة غرب القنطرة وميناء الأدبية، أحد الموانئ المصرية التابعة لهيئة موانئ البحر الأحمر، وميناء العريش والطور ومنطقة شرق الإسماعيلية، بجانب تطوير ميناء شرق بورسعيد.
وتتمثل أهمية منطقة قناة السويس في كونها أهم المناطق العالمية لتطوير خدمات الموانئ والمناطق التجارية واللوجستية، لاعتبارات تتعلق بقربها من الأسواق العالمية، وكذلك لاستحواذها على جزء كبير من حركة التجارة العالمية العابرة للقناة.
وفي 2019، عقدت مصر اتفاق شراكة بين شركة “دراجول أويل” الإماراتية والهيئة المصرية العامة للبترول لامتيازات اكتشاف النفط في خليج السويس. وجاءت الشراكة بنسبة 51% لهيئة قناة السويس و49% لشركة موانئ دبي، تحت اسم “شركة التحدي المصرية الإماراتية” والتي أصبحت بموجب الاتفاق مسئولة عن أعمال البحرية والتكريك في قناة السويس.
قطاعات أخرى
بعد استحواذ “مجموعة الإمارات الوطنية” على شركة مواصلات مصر قبل عامين بقيمة ملار دولار “نسبة 70%”، بدأت في مشروع لتوريد 236 سيارة نقل جماعي، داخل محافظات القاهرة الكبرى.
فيما أعلن مكتب “سري الدين” للاستشارات القانونية، قبل عام عن بيع أسهم شركة “الشرقية للدخان” المصرية، أكثر الشركات المصرية ربحا ومساهمة في الموازنة العامة للدولة، لرجال أعمال من الإمارات والسعودية، وأوضح، أن رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، ومستثمرين سعوديين استحوذوا على أكثر من 25 بالمئة من طرح الشركة بالبورصة بأكثر من 400 مليون جنيه.
وتعد الشرقية للدخان التي أنشئت عام 1920، أكثر الشركات المصرية ربحا، حيث تحتكر الصناعة، وتنتج 10 أصناف من السجائر أشهرها “كليوباترا” بأنواعها، و15 صنفا من السيجار، و3 أصناف من المعسل، وتبلغ حصتها السوقية 70 بالمئة مقابل 30 بالمئة للشركات الأجنبية.
وأظهرت المؤشرات المالية للشركة في 2018، ارتفاع قيمة مبيعاتها المحلية بنحو مليار جنيه، لتسجل 46.9 مليار جنيه مقابل 36.7 مليار جنيه خلال 2017، فيما ساهمت بتمويل الخزانة العامة للدولة، بالعام المالي الماضي بـ56 مليار جنيه، عبارة عن أرباح وضرائب ورسوم الجمركية، بما يمثل 187 مليون جنيه يوميا بحسب تقرير الشركة للبورصة.
يرى العددي من المراقبين، أن الاحتكار الإماراتي لبعض القطاعات المصرية “مهددا للأمن القومي” وهو جزء من محاولة سيطرة الدولة الخليجية، ففي في عام 2015، نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا بعنوان “خطة الإمارات لحكم مصر” أشار إلى وثيقة داخلية مسربة، جاء فيها أن الإمارات تعتبر الاقتصاد المصري أو الاستثمار هي البوابة الأولى للتحكم الإماراتي بمصر.