خير مصر

ثروات مصر المدفونة (2)

ثروات مصر المدفونة (2)

أعلنت مصر العام الماضي تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي “ثروات مصر المدفونة “، وذلك بعد أن دخل حقل “ظهر” بكامل طاقته الإنتاجية حيز التنفيذ، ويصل حجم احتياطي الغاز في الحقل 30 تريليون متر مكعب. ويبلغ إنتاجه اليومي نحو 2.7 مليار قدم مكعب والذي يعادل 37.5 % من حجم إنتاج مصر، فيما بلغ حجم استثماراته نحو 12 مليار دولار.

وشهدت مصر تسجيل أعلى معدل إنتاج من الثروة البترولية خلال شهر أغسطس 2019 بلغ حوالى 1.9 مليون برميل يومياً من الزيت الخام والمتكثفات والغاز الطبيعي،  منها 650 ألف برميل بترول يوميا، و 7.2 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

ثروات مصر المدفونة
ثروات مصر المدفونة

وتزخر منطقة غرب النيل باحتياطات تصل لنحو 5 تريليونات قدم مكعب، ويصل حجم الإنتاج اليومي المتوقع بحقول المنطقة نحو 1.4 تريليون قدم مكعب باستثمارات بلغت 11.3 مليار دولار.

بينما يصل حجم الإنتاج في حقل آتول البحري الذي اكتشفته شركة بي بي البريطانية نحو 350 مليون قدم مكعب يوميا، فيما تصل احتياطاته المتوقعة نحو 1.5 تريليون قدم مكعب، وسجلت استثماراته نحو 900 مليون دولار.

على جانب آخر، وحسب المركز الإعلامي لمجلس الوزراء فإن ترتيب مصر بمؤشر الطاقة المتجددة الصادر عن البنك الدولي شهد تحسنا كبيرا خلال السنوات الماضية، لتصبح من أفضل 36 دولة على مستوى العالم بمقدار تحسن 10 نقاط من 58 إلى 68 نقطة.

وذكر التقرير، أنه تم تنفيذ 8 مشروعات في مجال الطاقة المتجددة في الفترة من 2014 إلى 2019، أبرزها مشروع بنبان لإنتاج الطاقة الشمسية، بتكلفته 2 مليار دولار، وبقدرة إنتاجية 1465 ميجاوات، ويضم 32 محطة لتوليد الكهرباء، فيما بلغت إجمالي القدرة الإنتاجية لمحطة جبل الزيت لطاقة الرياح 580 ميجاوات بتكلفة بلغت 12 مليار جنيه، فضلاً عن مشروع محطة قناطر أسيوط الجديدة، بقدرة إنتاجية 32 ميجاوات، بجانب تنفيذ 3 محطات طاقة شمسية بقرى سيوة والوادي الجديد والبحر الأحمر ،بتكلفة 60 مليون يورو، وبإجمالي قدرة إنتاجية 30 ميجاوات.

كما تعتبر محطة إنتاج الطاقة من الرياح في الزعفرانة جنوب مدينة السويس، أكبر محطة من نوعها في أفريقيا، إذ يبلغ إنتاجها من الكهرباء 1400 جيجاواط /ساعة سنويا. وتساهم طاقة الرياح بأقل من 2% في الطاقة الكهربية المولدة حاليا بالرغم من وفرة مصادر الرياح، وبخاصة في منطقة خليج السويس. وتشير العديد من الدراسات أن الكهرباء المولدة من مصادر الرياح تمثل أفضل الفرص للطاقة المتجددة في مصر للوصول إلى أسعار تنافسية للكهرباء مقارنة بالوقود والغاز.

ثروات مصر المدفونة
ثروات مصر المدفونة

كانت مصر قد وقعت في 2019 عدة عقود لاستيراد الطاقة، مثل عقد نوبل إنرجي لإنشاء محطة ضخ على أنبوب شرق المتوسط، وعقد مشترك بين بين نوبل ودولفينوس لصناعة منتجات بترولية، وعقد لإنشاء مزرعة رياح في غرب بكر، على خليج السويس، مع شركتي سيمنز ولكلا.

شبهة الاحتكار الأجنبي

حسب بيانات التقرير السنوي للبنك المركزي المصري؛ مثلت تدفقات المستثمرين الأجانب في قطاع النفط 46.8 مليار دولار حتى 2018، وبمتوسط سنوي 7.8 مليارات دولار، ويمثل النفط نسبة تتراوح بين 53 و70%، من إجمالي تدفقات الاستثمارات الأجنبية.

هذه النسبة الضخمة من الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط المصري، دفعت المراقبين إلى تسليط الضوء على أسباب تركيز الشركات الأجنبية على الاستحواذ على هذه الثروة الهائلة.

بدأت رحلة تضخم الاستثمار الأجنبي في مصر في مايو 2014، عنجما أعلنت وزارة البترول المصرية عن فوز شركة “هوك” بمناقصة لتزويد مصر بأول سفينة عائمة لإستقبال شحنات الغاز المسال المستورد وتحويله إلى غاز طبيعي. وحسب الوزارة فإن الهدف من التعاقد مع هوج “تغطية جانب من احتياجات محطات الكهرباء من الغاز الطبيعي خلال الفترة المقبلة. مدة التعاقد خمس سنوات لتوفير حد أقصى 500 مليون قدم مكعب يومياً.

وكانت وزارة البترول المصرية قد أعلنت عن طرح مزايدة عالمية جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط. تشمل ثمانية قطاعات في البحر المتوسط بمساحة إجمالية نحو 11849 كم².

لكن في فبراير 2015، وقعت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيگاس) وشركة نوبل إنرجي الأمريكية عقداً لاستيراد 7 شحنات من الغاز الطبيعي المسال، وفي الوقت نفسه، وقعت ڤيتول مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيگاس) عقد استيراد 9 شحنات من الغاز الطبيعي المسال، لمدة عامين

ثروات مصر المدفونة
ثروات مصر المدفونة

وفي مارس 2015 وقعت شركة BP صفقة بقيمة 12 مليار دولار لتطوير الغاز الطبيعي بخمسة حقول غرب الدلتا، مخصصة للبيع في السوق المحلية ابتداءًا من عام 2017.  وقالت الشركة إنها سوف تقوم بتطوير كمية كبيرة من الغاز البحري أي ما يعادل نحو ربع الناتج المصري وتجلبها على الشاطئ لاستهلاكها من قبل العملاء. نظير أن تكون لها ملكية الحقل بالكامل، ولا تلتزم الشركة البريطانية بأي التزامات مع مصر سوى الرسوم والضرائب.

جدير بالذكر أن عقد الشركة كان قد انتهى بمصر عام 2003، إلا أن الشركة ظلت بمواقعها ولم تخرج منها ودخلت في مفاوضات مطولة مع الحكومة حتى وصلت لحل يقضي بأن تستحوذ على 100% من الإنتاج، رغم أن حصتها في السابق لم تكن تتجاوز 20% من الإنتاج.

ثم جاءت المفاجأة السارة في سبتمبر 2015 عندما أعلنت شركة الطاقة الإيطالية إيني ENI SPA اكتشاف أكبر حقل للغاز في منطقة البحر الأبيض المتوسط ويقدر الغاز الإجمالي في حقل ظهر بنحو 30 تريليون قدم مكعب.

وحصلت الشركة على 40% من عوائد الحقل لاسترداد تكاليف الاستثمار، بالإضافة إلى حصة 35% من عوائد الحقل، لكن الشركة الإيطالية بعد دخولها المشروع، باعت جزءا من حصتها إلى شركات أجنبية أخرى، واكتفت مصر بالحصول على عمولة نقل الملكية.

وكانت شركة إيني الإيطالية قد أعلنت عن بدأ حفر 11 بئرا في دلتا النيل والبحر الأبيض المتوسط والصحراء الغربية وخليج السويس العام الماضي، إلى جانب تسعة آبار أخرى في عام 2020 كجزء من خطة لتوسيع أنشطة الاستكشاف.

ثروات مصر المدفونة
ثروات مصر المدفونة

وفي بداية هذا العام أعلنت وزارة البترول المصرية عن توقيع أربعة اتفاقات جديدة للتنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما بمناطق الصحراء الغربية وخليج السويس ووادي النيل باستثمارات لا تقل عن 155 مليون دولار وتنطوي على منح توقيع بنحو 10.5 مليون دولار وتشمل حفر 30 بئرا. وأضافت الوزارة في بيان صحفي أن الاتفاقات جرى إبرامها مع كل من الهيئة العامة للبترول وشركة أيوك لامتيازين في الصحراء الغربية ومع الهيئة وشركة ميرلون الفيوم بشأن امتياز في وادي النيل ومع شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول وشركة “پاسيفيك”بشأن امتياز في خليج السويس.

جدير بالذكر أن في مصر معملان كبيران لإسالة الغاز؛ الأول في مدينة إدكو، وحصة ملكية مصر فيه 24% فقط، في حين تمتلك فيه شركة بريطانية حصة 35.1%، وشركة بتروناس الماليزية نسبة 35.1%، وشركة غاز فرنسا نسبة 5%.، و معمل دمياط، تسيطر عليه شركة إيني الإيطالية بنسبة ملكية 40%، وشركة إسبانية بحصة مماثلة 40%، وتمتلك مصر حصة 20% فقط، وبذلك فعائد نشاط إسالة الغاز الطبيعي في مصر يذهب بشكل كبير للأجانب، وتكتفي مصر بحصص زهيدة حسب رأي المختصين، حيث تذهب الحصة الكبرى من عائد الإسالة لصالح الشركات البريطانية والإيطالية والإسبانية والماليزية والفرنسية.

في السياق ذاته، ضخت شركة إديسون استثمارات بقيمة 300 مليون دولار أمريكي لتطوير حقل الغاز في أبو قير بالإسكندرية، ما ضاعف إنتاجه في العامين الماضيين. وقال العضو المنتدب للشركة أن الشركة تخطط لاستثمار 100 مليون دولار في مصر في السنة المالية الحالية، مضيفا أن هناك خطة جارية لحفر بئرين جديدين في المياه العميقة في البحر المتوسط في الربع الأخير من عام 2019.

فيما حصلت شل على أكبر قدر من الامتيازات فى مزايدات الهيئة العامة للبترول المصرية والشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) خلال العام الماضي، وهم ثلاث امتيازات للنفط وامتيازان للغاز، في 5 مناطق بحث وتنقيب، 3 منها للزيت الخام، وهى «غرب الفيوم، وجنوب شرق حورس، وجنوب أبو سنان، و2 منها للغاز فى شمال سيدى جابر البحرية وشمال الفنار البحرية»، كما فازت الشركة بالقطاع الاستكشافى (Block 4) بالشراكة مع مبادلة للبترول “إماراتية”، وحصلت على قطاع الاستكشافى (Block 3) منفردة، فى مزايدة البحر الأحمر التى طرحتها شركة جنوب الوادى القابضة للبترول العام الماضى.  يذكر أن الشركة طرحت أصولها في الصحراء الغربية للبيع للتركيز على توسعة أعمالها في مشروعات الغاز بالمناطق البحرية، حسب تصريحات خالد قاسم رئيس مجلس إدارة الشركة بمصر.

وفي فبراير من هذا العام 2020، شهد طارق الملا وزير البترول، احتفالية أقامتها شركة دراجون أويل الإماراتية بمناسبة استحواذها على حصة شركة بي بي البريطانية في مناطق امتياز شركة جابكو بخليج السويس في صفقة بلغت قيمتها 500 مليون دولار، ودراجون أويل المحدودة هي منصة للتنقيب وإنتاج النفط، ومملوكة بالكامل لشركة بترول الإمارات الوطنية “إينوك”، وبذلك أصبحت “دراجون أويل” بذلك شريك هيئة البترول، في كافة امتيازات إنتاج واكتشاف النفط في خليج السويس، حيث تقوم شركة بترول خليج السويس “جابكو” بالعمليات نيابة عن الهيئة والمقاول.

بينما يكتشف العالم كل يوم؛ حجم ثروات مصر المدفونة، مسارعا إلى الاستثمار فيها.. لا يزال النظام المصري يدّعي فقر موارد الدولة وإمكانياتها، مستمرا في التضييق على المصريين عبر تمويل خزينة الدولة من جيوب المواطنين بالرسوم والضرائب وغيرها، الأمر الذي يجعل التساؤل عن كفاءة “إدارة ثروات مصر” جوهريا ومحورياً في ظل الأزمات التي تواجهها مصر بالداخل والخارج.

ثروات مصر المدفونة (1)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى