خير مصر

سيناء: التنمية والحرب

كم بلغ حجم التنمية فى سيناء منذ حرب أكتوبر؟

سيناء: التنمية والحرب

 

على مر التاريخ والعهود، حظيت شبه جزيرة سيناء: التنمية والحرب باهتمام خاص نظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي؛ سواء في السلم “ربط القارتين الافريقية والأسيوية” ومواردها المختلفة، أو في الحرب “مجاورة لدولة الاحتلال الاسرائيلي”، رغم أن شبه جزيرة سيناء تمثل 6% من مساحة مصر، وتعتبر المورد الأول للثروة المعدنية؛ إلا أنها لا زالت تخضع لتأرجح اهتمام الأنظمة السياسية الحاكمة منذ 1952 وحتى الآن.

سيناء: التنمية والحرب
سيناء: التنمية والحرب

 

الأصول والجغرافيا

ينتمي أهل “سيناء: التنمية والحرب” إلى عدة قبائل بدوية أبرزها: قبيلة الترابين، وقبائل: سوراكة، والتياها، والحويطات، والمساعيد، من قبيلة هذيل العدنانية، وقبائل أخرى، ويشكل البدو ٦٠٪ من سكان سيناء، ويعتبر ٪ من سكان سيناء هم أبناء الوادي، بعدهم انتقلت أعداد كبيرة من المصريين من وادي النيل و الدلتا إلى المنطقة للعمل في مجالات السياحة والزراعة.

وفقا للتقسيم الإداري للدولة، تضم شبه جزيرة سيناء محافظتي شمال سيناء وجنوب سيناء، ومدن: بورفؤاد والقنطرة وحي الجناين، لكن هناك تقسيم عسكري وفقا لمعاهدة السلام بين مصر واسرائيل عام 1979، حيث تنقسم شبه الجزيرة إلى 3 مناطق، المنطقة أ : تتواجد في هذه المنطقة قوات عسكرية مصرية من فرقة مشاة ميكانيكية واحدة ومنشآتها العسكرية وكذلك تحصيناتها الميدانية، وتتكون العناصر الرئيسية لهذه الفرقة من ثلاثة ألوية مشاة ميكانيكية، لواء مدرع واحد، سبع كتائب مدفعية ميدانية، سبع كتائب مدفعية مضادة للطائرات، 230 دبابة، 480 مركبة أفراد مدرعة من كافة الأنواع،

ويكون إجمالي الأفراد العسكريين في المنطقة 22 ألف فرد. والمنطقة ب:  يتواجد فيها وحدات قوات حرس الحدود المصرية من أربع كتائب مجهزة بأسلحة خفيفة وبمركبات عجل، وبكامل تحصيناتها الميدانية ومنشآتها العسكرية، وتعاون الشرطة المدنية في المحافظة على النظام في المنطقة، وتتكون العناصر الرئيسية لكتائب حرس الحدود الأربع من إجمالي حتى 4000 فرد. والمنطقة جـ : تتمركز فيها قوات الأمم المتحدة، والشرطة المصرية، وكتيبة من حرس الحدود، وتتولى الشرطة المصرية المسلحة بأسلحة خفيفة أداء مهام حفظ الأمن والنظام داخل هذه المنطقة، أما قوات الأمم المتحدة فتتمركز في معسكرين في الجورة، وشرم الشيخ.

 

سيناء: التنمية والحرب
سيناء: التنمية والحرب

التنمية على مر العهود

بعد الانسحاب الاسرائيلي من “سيناء: التنمية والحرب” على عدة مراحل آخرها عام 1989 مع عودة طابا للأراضي المصرية بالتحكيم السلمي، أعدت الهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية واستصلاح الأراضى بعهد مابرك، دراسة جدوى لمشروع شمال سيناء للتنمية الزراعية  لإستصلاح 265 ألف فدان بالتعاون مع شركة آتكنز للإستشارات والهندسة، وفى نفس العام أعد مركز الإستثمار FAO والبنك الدولى تقريرا عن المشروع .

وفى عام 1991 أقر مجلس الوزراء نقل مسئوليات تنفيذ المشروع من وزير الزراعة إلى وزير الرى والموارد المائية، على أن يتم إدارته بمعرفة الهيئة العامة لتنمية سيناء  NSDO التابعة له ومركزها الرئيسى فى القنطرة شرق ، وفي أكتوبر عام 1997 قام مبارك بإطلاق إشارة بدء انطلاق أول تدفق مائي من نهر النيل إلى سيناء عبر الأنفاق الأربعة لسحارة ترعة السلام التي تمر أسفل قناة السويس بنحو 42 مترا.

ثم في أكتوبر 1994 أقر مجلس الوزراء استراتيجية شاملة لتنمية سيناء، وأصبح المشروع أحد مشروعات خطة التنمية الشاملة، وفى سبتمبر 2000 تم إعادة رسم استراتيجية التنمية الشاملة لسيناء لتضم محافظات القناة، وفى 2006 قامت وزارة الصناعة بإنشاء هيئة خاصة للتنمية الصناعية بسيناء تتولى إنشاء 7 مصانع جديدة، بالإضافة إلى قيام وزارة البترول بإنشاء شركة قابضة لتنمية الثروة البترولية والمعدنية فى سيناء، وقيام وزارتى الرى والزراعة باستصلاح 400 ألف فدان جديدة شمال سيناء وزيادة فرص توطين الخريجين .

رغم تفاخر مبارك بجهوده في تنمية سيناء، فجر رئيس حكومته ، كمال الجنزوري مفاجأة عام 2014 في تصريح تلفزيوني، حيث قال أن الإدارة السياسية خلال رئاسته للحكومة في الفترة من 1996 إلى 1999 لم تكن تريد “أحدًا يعيش في سيناء”، مضيفاً: “من حارب ومن قاتل فوق رأسنا لكن الجانب الآخر “حسني مبارك” كان لا يريد أن يوجد تجمع بشري في سيناء.. كنت أخطط لوجود 2 إلى 3 مليون شخص في سيناء”.

 

سيناء: التنمية والحرب
سيناء: التنمية والحرب

إبان يناير 2011، انشغل المجلس العسكري بضبط الانفلات الأمني الذي حدث في سيناء بعد الثوررتين المصرية والليبية، وشنت عدة عمليات عسكرية مثل “عملية النسر” و”عملية سيناء”، جدير بالذكر أن إجمالي عدد تفجيرات خط الغاز منذ ثورة يناير بلغ 25 مرة، منها 14 عملية تفجير في فترة المجلس العسكري فقط.

وفي 2012 أصدر المجلس العسكري قراراً بإنشاء الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء، قبيل انتخابات الرئاسة، رسخ فيه القيود الأمنية ومرجعية وزارة الدفاع والقوات المسلحة فيما يخص عمليات التنمية المتكاملة.

في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، وفي سبتمبر 2012 خصصت الحكومة مليارا و650 ألف جنيه لمشروعات تنمية “سيناء: التنمية والحرب”، وقام مرسي بزيادتها بعد ذلك إلى ملياري جنيه، ووعدت الحكومة بتوفير 9500 فرصة عمل بسيناء، فيما أصدر رئيس الوزراء قرارا بالنظام الأساسي للجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء، الذي أنشأه المجلس العسكري قبيل عهد مرسي، كما قرر استكمال أحد مشروعات منطقة بير العبد، ” الشركة المصرية للأملاح والمعادن (أميسال) لإنتاج بيكربونات الصوديوم بطاقة خمسمائة ألف طن سنويا، التي تقرر إنشاؤها قبيل انتخابات الرئاسة مباشرة،

فيما تعهدت الحكومة بإنشاء منطقة صناعية على مساحة أربعمائة ألف فدان، وقررت الحكومة تمليك مئتي ألف فدان منها للشباب السيناوي، ومئتي ألف لشركات الاستثمار الزراعي. ومن الملفت أن الرئيس محمد مرسي زار سيناء ثلاث مرات خلال عام واحد، واجتمع بممثلي القبائل السيناوية مرة بالعريش، ومرة في قصر الرئاسة.

فور الإنقلاب العسكري في يوليو 2013، أعلنت الجماعات الجهادية عن نفسها لأول مرة عبر إعلان “ولاية سيناء” واستمرت العمليات المتبادلة بين القوات المسلحة والشرطة والجماعات في سيناء، وتزامن ذلك مع تحركات السيسي لإغلاق أنفاق غزة الممتدة من رفح، وتهجير السكان على الشريط الحدودي، كما أعلن أيضاً حالة الطوارئ بسيناء عدة مرات. ثم قامت الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون 14 لسنة 2012 بشأن التنمية المتكاملة فى شبه جزيرة سيناء.

وفي عام 2014 أطلق السيسي، مشروعه تحت اسم “عملية التنمية الشاملة في سيناء” في الفترة من 2014-2022، بتكلفة تصل إلى إجمالي 275 مليار جنيه، ويضم مشروعات مثل المزارع السمكية ومنطقة صناعية، وإتشاء طرق، ووحدات سكنية، ومستشفيات ومدارس.

في الوقت ذاته أطلق السيسي عدة عمليات عسكرية ضد الجماعات الجهادية، وأعلن في 2018 “استخدام القوة الغاشمة في مواجهة المتطرفين” في إطار ما أسماه “العملية الشاملة: سيناء 2018″، وامتدت العمليات التي وعد السيسي بانتهائها خلال ثلاث أشهر إلى ثلاث سنوات، سقط خلالها العديد من الضحايا من المدنيين والعسكريين.

وفي مايو 2019 قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها “إن قوات الجيش والشرطة المصرية في شبه جزيرة سيناء ترتكب انتهاكات جسيمة وواسعة ضد المدنيين. ترقى بعض هذه الانتهاكات إلى جرائم حرب، وهي جزء من حملة مستمرة ضد جماعة “ولاية سيناء” المسلحة، المرتبطة بتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)”.

وقدم تقرير المنظمة الذي جاء بعنوان” انتهاكات قوات الأمن المصرية ومسلحي ´داعش´ في شمال سيناء”، الصادر في  116 صفحة، صورة مفصلة لنزاع لا يحظى بتغطية إعلامية كافية وأسفر عن مقتل وجرح الآلاف، منهم مدنيون ومسلحون وأفراد أمن، منذ تصاعد القتال عام 2013. ووثّق التحقيق على مدى عامين جرائم تشمل الاعتقالات الجماعية التعسفية، والإخفاء القسري، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القضاء، وهجمات جوية وبرية قد تكون غير قانونية ضد المدنيين. بينما كانت القوات المسلحة وقوات الشرطة المصرية مسؤولة عن غالبية الانتهاكات الموثقة في التقرير، حسب تعبيرات المنظمة الحقوقية.

مركز كارنيجي للأبحاث، في تقرير له في يوليو 2020، قال إن الجيش المصري حوّل “سيناء: التنمية والحرب”  إلى جزيرة معزولة، وأن طموحات تنمية سيناء تتبخر على وقع تصرفات القوات الأمنية والعسكرية بسيناء، وقال التقرير أن ” بذل جهودا للسيطرة على حركة الدخول إلى شمال سيناء والخروج منه والتنقّل ضمنه، من خلال إقامة حواجز تفتيش تمنع الأشخاص من زيارة المحافظة إلا إذا قدّموا إثباتاً على إقامتهم فيها؛ وإنشاء حواجز تفتيش عسكرية داخلية شبه دائمة في مختلف أنحاء المحافظة؛ وفرض حظر تجوال،

لا سيما في الجزء الشرقي من المحافظة؛ وبناء جدران عازلة عند الحدود مع غزة. وأنشأت القوات المسلحة المصرية أيضاً منطقة عازلة عند الحدود مع غزة – ما أثار انتقادات من جانب المجموعات الحقوقية والسكان بسبب التهجير القسري الواسع النطاق وتدمير المنازل – وأغرقت بالمياه الأنفاق المستخدَمة في الحركة غير الشرعية للأشخاص والسلع. وكان الهدف من استراتيجيات التدمير والحرق تقليص قدرات المتشددين وتعطيل لوجستياتهم وإمداداتهم، ما أسفر عن مقتل الآلاف منذ عام 2013 وتدمير معدات وملاجئ، ولكنها لم تستهدف القادة سوى بصورة عرَضية” .

تبدو سيناء خلال السنوات الأخيرة، في زاوية ضيقة بين خطط التنمية والحرب المزعومة على الإرهاب، لتواجه مصيرها من الركود والتخبط في معالجة التحديات التي تواجه المنطقة، وبينما كان المصريين يحتفون بكلمة جمال حمدان في كتابه “شخصية مصر: “سيناء ليست مجرد صندوق من الرمال وإنما هى صندوق من الذهب”، ينظر البعض الآن إلى سيناء كصندوق من الدماء والغضب !

مستقبل الزراعة في مصر

التكافل في مصر

حالة الإصلاح التجاري في مصر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى