خير مصر

عمال مصر: النضال من أجل الحقوق

عمال مصر.. للمعاناة عنوان

عمال مصر: النضال من أجل الحقوق

 

في يونيو 2017، أدرجت منظمة العمل الدولية مصر “عمال مصر ” على ما يسمى “بالقائمة السوداء” التي تضم دولا متهمة بانتهاك حقوق العمال، حيث انتقدت المنظمة القوانين الخاصة بتشكيل النقابات العمالية في البلاد، مشيرة الى أنها ستكبل العمل النقابي. ورغم ذلك وافق البرلمان على مقترح قانون التنظيمات النقابية التي تقدمت به الحكومة، والذي تقر بعض مواده على حظر تكوين نقابات مستقلة للعمال، وإجبارهم على الاشتراك في اتحاد عمالي وحيد “الاتحاد العام لنقابات عمال مصر” المسيطر على الحركة النقابية منذ تأسيسه في عام 1957، مع خصم قيمة الاشتراك إجبارياً من رواتبهم، وقالت منظمات حقوقية أن القانون يتعارض مع اتفاقيتين دوليتين وقعت عليهما مصر وتتيحان التعددية النقابية.

الجدير بالذكر، أن منظمة العمل الدولية رفعت في 2011، اسم مصر عن القائمة السوداء والتي كانت مدرجة فيها منذ عام 2008، بعد إطلاق  الحكومة المصرية إعلان الحريات النقابية إبان الثورة المصرية، والذي سمح بإنشاء عشرات من النقابات المستقلة بمجرد إيداع أوراقها لدى وزارة العمل.

عمال مصر: النضال من أجل الحقوق
عمال مصر: النضال من أجل الحقوق

 

العمال والثورة والانقلاب

جاءت ثورة يناير 2011 ولم يكن هناك سوى ثلاث فقط من النقابات المستقلة التي لم تخضع إلى سيطرة النظام المباشرة، أولها النقابة العامة المستقلّة لعمال الضرائب العقارية، وهي الأكبر والأكثر نفوذاً إلى الآن، والتي تمثّل الموظفين الذين تستخدمهم السلطات المحلية. والثاني هي الحركة التي أدّت إلى تشكيل نقابة مستقلّة في خريف العام 2007، بدأت عندما شكّل موظفو سلطة الضرائب العقارية لجنة وطنية للإضراب بقيادة كمال أبو عيطة لقيادة حملة منسّقة لدعم مطالبهم من أجل المساواة في الأجور مع موظفي الضرائب الذين توظفهم وزارة المالية بشكل مباشر،

الذين كانت رواتبهم أعلى بكثير. والثالثة هي تحول لجنة الإضراب العمالية إلى نقابة مستقلة عام 2008، حيث انضم أكثر من 30000 من الموظفين الذين تستخدمهم السلطات المحلية في جميع أنحاء مصر إلى النقابة الجديدة. واعترفت وزارة القوى العاملة والهجرة بالنقابة الجديدة في 2009 وهي أول نقابة مستقلّة عن النظام خلال أكثر من نصف قرن، كما تأسّست نقابتان مستقلّتان للفنيين في مجال الرعاية الصحية والمعلمين قبل نهاية العام 2010.

على مر التاريخ كانت الحركة العمالية بؤرة نشطة في الاحتجاجات ذات المطالب العملية والحياتية، لكن في سبتمبر 2007 أضرب 22000 عامل في شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، ولأول مرة رفع المتظاهرين لافتات سياسية، وصرح منظموا الإضراب للمرة الأولى أنهم يتحدون النظام، ثم دعت لجنة إضراب عمال غزل المحلة إلى إضراب في 6 أبريل 2008، للمطالبة بوضع حدّ أدنى وطني شهري للأجر الأساسي بواقع 1200 جنيه مصري، لكن قوات الأمن أحبطت الإضراب من خلال مزيج من الاستقطاب والقمع العنيف، في محاولة من النظام فصل المظالب الفئوية والمظالم عن ال الشعارات والمطالب السياسية.

وفقاً لمركز أولاد الأرض لحقوق الإنسان، كان الشلل الاقتصادي الناجم عن موجة الإضرابات العمالية، “واحداً من أهم العوامل التي أدّت إلى تسريع قرار مبارك بالرحيل.

استمرت احتجاجات العمال بوتيرة مرتفعة من بعد انقلاب يوليو 2013، لكن من الملاحظ هو ضعف الاهتمام الإعلامي بها رغم كثافتها، فقدأصدر المركز المصري للحقوق الإقتصادية والإجتماعية ورقة حول الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية والعمالية لعام 2017، وتناول التقرير 3 أنواع من الاحتجاجات وهي: الاحتجاجات العمالية بمختلف القطاعات و الاحتجاجات الإجتماعية والإقتصادية وفقاً للتوزيع الجغرافي وفئة المحتجين. حيث شهد عام ٢٠١٧ حوالي ١٥١٨ احتجاجًا. وتصدرت الاحتجاجات الاجتماعية القائمة بإجمالي ٩٧٦ احتجاجًا، أي حوالي ٦٤٪ من إجمالي الاحتجاجات. بينما جاءت الاحتجاجات العمالية في المرتبة الثانية بإجمالي ٤٥٠ احتجاجًا على مدار العام، بنسبة ٣٠٪ من إجمالي الاحتجاجات. وجاءت الاحتجاجات الاقتصادية في المرتبة الأخيرة بعدد ٩٢ احتجاجًا في ٢٠١٧، بنسبة ٦٪ فقط من العدد الإجمالي.

عمال مصر: النضال من أجل الحقوق
عمال مصر: النضال من أجل الحقوق

وشهد عام 2018 مفترق طرق في تاريخ العمال، وفقا للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي أصدرت تقريرا أشار إلى أن عام 2018 شهد معركة توفيق أوضاع النقابات العمالية، ومحاولة السيطرة على حق العمال في التنظيم من خلال لائحة تنفيذية للقانون وضعت عدد من الشروط والبيانات والطلبات التعجيزية ، وكأنها تهدف إلى عرقلة إجراءات التوفيق.حيث وضع موظفو وزارة القوى العاملة العديد من الأسباب الواهية لرفض استلام مستندات التوفيق، هذا الى جانب استمرار ترهيب وترغيب النقابيين المستقلين ونقلهم بعيدا عن قاعدتهم الجماهيرية.

وفي نفس العام أجريت الانتخابات العمالية خلال شهر مايو بعد توقف دام 12 عاما، وقد شهدت استبعاد الآلاف من النقابيين بأوامر أمنية على خلفية نشاطهم النقابي، وأسفرت النتائج عن استمرار نفس الوجوه القديمة التي لا تعد المعبر الانسب عن الطبقة العاملة ، حيث فاز جبالي المراغي كرئيساً للاتحاد (الحكومي) بالتزكية، و استمر محمد وهب الله أمينا عاما للاتحاد، وأٌختير عادل عبد الفضيل أمينا للصندوق، وبشكل عام عاد اﻻتحاد العام بتشكيله القديم، إذ جاء %68 من رؤساء النقابات العامة بالتزكية، و‎‎%60 من مجالس النقابات العامة جاءت بالتزكية‎، وجاءت نسبة تمثيل المرأة صفر % في رئاسة النقابات العامة.

وفي نفس العام أيضا، شهدت الاحتجاجات العمالية تطورات هامة، مثل اعتصام نحو خمسة آلاف عامل في ست مصانع تابعة لشركة “يونيون إير” من أجل التضامن مع عشرات العمال المفصولين من الشركة.

كما شهد الوقفة الاحتجاجية للعاملين بشركة المقاولات المصرية “مختار ابراهيم” بسبب عدم صرف مرتبات العاملين وشملت الوقفة عدة محافظات على مستوى الجمهورية في وقت واحد، واستمرت الوقفات لمدة يومين، ونجح العمال في إقالة رئيس مجلس إدارة الشركة، وتحقيق بعض مطالبهم.

 

قانون العمل الجديد

طبقا للجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء الحكومي، في فبراير 2020، فإن معدل البطالة بلغ 8 بالمئة في الربع الرابع من 2019، وبلغ حجم قوة العمل 28.950 مليون فرد خلال الربع الأخير من 2019.

وقالت مصادر صحفية أنه بسبب أزمة كورونا، قامت عدد من الشركات بإعطاء إجازة إلزامية غير مدفوعة الأجر، ووصل الأمر إلى تخفيض رواتب العمال إلى ما بين 50% إلى 60% بداية من مرتبات شهر مارس الماضي.

 

عمال مصر: النضال من أجل الحقوق
عمال مصر: النضال من أجل الحقوق

وكان البرلمان قد أقر مشروع قانون العمل الجديد الذي تقدمت به الحكومة قبل عدة شهور، حيث يطبق القانون على العاملين في القطاع الخاص، وينظم شئون العاملين وحقوقهم المادية والمعنوية، ورغم انتقادات التجمعات النقابية المستقلة لبعض بنود القانون، إلا أن محمد وهب الله الأمين العام لاتحاد عمال مصر وعضو مجلس النواب، دافع عن القانون في تصريحات صحفية، قائلا أن إن قانون العمل الجديد، يحمل العديد من المميزات للعاملين في القطاع الخاص، أبرزها عدم الفصل التعسفي للعمال وحفظ حقوق العمال كاملة، وأن الإنتاج مقابل الأجر طبقا للدستور، وإلغاء كثير من سلبيات القانون الماضي أهمها: اإقامة محاكم لسرعة التقاضي بين العامل وصاحب العمل حال حدوث مشكلة تعسفية على غرار محكمة اﻷسرة والمحكمة الاقتصادية.

 

مع ارتفاع نسبة البطالة وتأثر الإنتاج بسبب أزمة كورونا، يواجه العمال في مصر تراكما للأزمات التي لم تجد لها حلا، وفي ظل استمرار احتجاجات العمال التي لا تنقطع سنويا بحثا عن حقوقهم.. فإن الوضع يشبه قنبلة موقوتة يقوم النظام المصري بتغذية احتقانها دون أن يدري، وهو في عكس مصلحته بالتأكيد.

العشوائيات وحقوق السكن في مصر

هموم واهتمامات الشباب في مصر (2)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى